اسم الکتاب : دراسات في فقه اللغة المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 63
فلا ضير إذن أن يقول الشخص الواحد في المسمَّى الواحد: رُغوة اللبن, ورَغوته، ورِغوته، ورُغاوته، ورِغايته، ورُغايته, فـ "كلما كثرت الألفاظ على المعنى الواحد كان ذلك أولى بأن تكون لغات لجماعات اجتمعت لإنسان واحد، من هنا وهناك"[1].
وأطرف من ذلك كله أنه يخلص ابن جني إلى تداخل اللغات وتركّبها، فيصم بضعف النظر وقلة الفهم كل من يفسر هذا التداخل بالشذوذ، أو ينسبه إلى الوضع في أصل اللغة[2]، ولا يتردد في الاحتجاج لثبوت تركب اللغات بحكاية يرويها عن الأصمعي[3] أنه قال: "اختلف رجلان في الصقر، فقال أحدهما: "الصقر" بالصاد، وقال الآخر: "السقر" بالسين، فتراضيا بأول وراد عليهما، فحكيا له ما هما فيه، فقال: لا أقول كما قلتما, إنما هو "الزقر! ", ويعلق ابن جني على هذا بقوله: "أفلا ترى إلى كل واحد من الثلاثة، كيف أفاد في هذه الحالة، إلى لغته لغتين أخريين معها؟ وهكذا تتداخل اللغات! "[4].
وابن فارس[5] نظر إلى هذا الموضوع أيضًا من خلال المنظار نفسه، [1] نفسه 1/ 378. [2] نفسه 1/ 379. [3] الأصمعي هو عبد الملك بن قريب، أبو سعد، من علماء اللغة وأئمتها, أخذ الروايات والأخبار عن العرب في باديتهم وأحيائهم, توفي سنة 216هـ. نشرت له بعض الأبحاث في اللغة؛ ككتاب خلق الإنسان، والإبل، وأسماء الوحوش، وصفاتها. [4] الخصائص 1/ 378-379. [5] هو أحمد بن فارس الرازي، أبو الحسين، أحد أئمة اللغة والأدب، أستاذ الصاحب بن عباد، والبديع الهمذاني, توفي سنة 395 في الريّ، وإليها نسبته, له كتاب "الصاحبي في فقه اللغة", وقد طبع سنة 1328 في القاهرة، و"مقاييس اللغة" في ستة أجزاء, وقد نشره عبد السلام هارون في القاهرة سنة 1366هـ, وله أيضًا "المجمل" الذي طبع الجزء الأول منه في القاهرة سنة 1331هـ, وفي "الظاهرية" أجزاء مخطوطة منه.
اسم الکتاب : دراسات في فقه اللغة المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 63