اسم الکتاب : دراسات في فقه اللغة المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 199
وضوحه وصراحته أن يكون إيجابيًّا لا سلبيًّا، وتثبيتيًا لا تعكيسيًّا.
أما في الأصل الآخر لمادة "ج ر ب" وهو الشيء يحوي شيئًا، فقد أدرج فيه ابن فارس الجراب المعروف، وربط هذا بجراب البئر، وهو جوفها من أعلاها إلى أسفلها؛ لأن جوف البئر كالجراب الذي يحوي ماءها وغيره.
ونقل معنى الاحتواء، بلطف الصنعة، إلى معنى التجمع، فرأى العانة من الحمير إذا تجمعت سميت "جَرَبّة"، ورأى الأقوياء من الناس إذا اجتمعوا سموا "جَرَبّة" أيضًا[1]. ولقد ذكر هذا ابن دريد في تقالبيه, ولكن ابن جني فاته أن يوميء إليه مع أنه أدنى إلى تحقيق معنى القوة والشدة من كثير من الأمثلة الأخرى التي أتى بها, ولعله أدرك مثلًا أن "الجربة" ليسوا أقوياء الناس في كل حال، بل في حال التجمع, فلم يشأ تأويل اللفظ على غير وجهه، أو حمله على غير محمله.
هـ- وعندما نقرأ في "المقاييس" أن الباء والجيم والراء في "ب ج ر" أصل واحد, وهو تعقّد الشيء وتجمعه[2], نشعر أن ابن فارس وقع على المعنى الأصوب والمفهوم الأدق للرجل الأبجر؛ فما هو بالقوي السرة كما أبى ابن جني إلّا أن يزعم، بل الذي تخرج سُرّتُه وتتجمع عندها العروق, وأصل ذلك كله البُجْرَة: وهي السرة الناتئة، فأين تجد بربك معنى القوة والشدة في مثل هذا؟ أو ليس هذا إلى العيب أقرب، وبالقبح ألصق؟
ومفهوم التعقد واضح هنا عند ابن فارس, حتى في وصف الدواهي [1] واستشهد على هذا بقول الشاعر:
ليس بنا فقر إلي التشكي
جربة كحمر الأبك [2] المقاييس 1/ 198.
اسم الکتاب : دراسات في فقه اللغة المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 199