responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دراسات في فقه اللغة المؤلف : صبحي الصالح    الجزء : 1  صفحة : 167
كلمات لغتنا على حدة, أو في كلمات اللغات السامية عند المقارنة، نميل إلى الاعتقاد بأن اللغات تتفاوت في أنماط نشأتها وتطورها، وأن ما يصدق على اللغات الإنسانية المختلفة ربما لا يصدق تمامًا على لغتنا, فلا يبعد أن تكون هذه الظاهرة الثنائية أوضح في نشأة لغتنا, أو اللغات السامية خاصةً منها في نشأة اللغات الإنسانية الأخرى عامة.
ولا ريب في أن لكلِّ لغة أسلوبًا خاصًّا في تأليف الألفاظ والتراكيب, وأن المألوف في لغة ما قد يكون مستهجنًا في غيرها، وأن طائفةً من الأصوات تجتمع وتتناسق في ألفاظ بعض اللغات, على حين تأبى التجمع والتناسق في ألفاظ لغات أخرى.
إلى مثل هذه الفروق الدقيقة بين اللغات المختلفة وجَّهَ العلماء أنظارنا حين جزموا بأن هذا من كلام العرب، وذاك ليس من كلامهم في شيء؛ فهذا ابن دريد مثلًا, ينفي ائتلاف الكاف والقاف في كلمة واحدة إلّا بحواجز، ويقول باطمئنان: "ليس في كلامهم "قك ولا كق"، وكذلك حالهما مع الجيم؛ ليس في كلامهم "جك ولا كج" إلّا أنها قد دخلت على الشين لتفشي الشين وقربها من عكدة اللسان ... "[1].
وكان من اليسير، بعد هذا، أن يحصوا الكلمات الغريبة عن النسج العربي, وأن يحكم بعضهم بندرة اجتماع بعض الأصوات، كما حكم الخفاجي بندرة اجتماع الراء مع اللام، إلّا إذا تخللها حرف من حروف الذلاقة في الرباعي والخماسي[2].
فإذا صحَّ أن لكلِّ لغة نسيجًا خاصًّا في تآلف أصواتها, وفي نشأة مادتها الصوتية وتطورها, لم يبعد أن يصدق على لغتنا العربية في مطلع فجرها ما أكده ابن جني وأضرابه من قيمة تعبيرية للحرف الواحد،

[1] مقدمة الجمهرة ص6.
[2] شفاء الغليل ص7.
اسم الکتاب : دراسات في فقه اللغة المؤلف : صبحي الصالح    الجزء : 1  صفحة : 167
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست