اسم الکتاب : دراسات في فقه اللغة المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 152
لقطع العرض لقربه وسرعته، والدال المماطلة لما طال من الأثر، وهو قطعه طولًا"[1].
ولا ريب أن في مراعاة اللين أو القوة، والخفة أو الشدة، والهمس أو الجهر، في التعبير عن هذه الطائفة من المعاني التي سبقت الإشارة إليها، دليلًا واضحًا على المحاكاة الإنسانية المقصودة لأصوات الظاهرات المعبر عنها. ونحن لا نحتاج إلّا كبير عناءٍ حتى نلمح العلاقة الطبيعية بين الألفاظ الموضوعة لمحاكاة الأصوات التي تصدر من الحيوانات، فالعصفور يزقزق، والحمام يهدل، والقمريّ يسجع، والهرة تموء، والكلب ينبح، والعجل يخور، والذئب يعوي ... إلخ. وأنت إذا قابلت مصادر هذه الأفعال: الزقزقة، والهديل، والسجع، والمواء، والنباح، والخوار، والعواء، بالأصواء التي تسمعها من الحيوانات أيقنت بأنها تقارب كثيرًا أصول تلك الأصوات. وقلْ مثل ذلك في هزيم الرعد، وحسيس النار، وخرير الماء، في حكاية أصوات الطبيعة، وفي شهيق الباكي، وتأوه المتوجع، وحشرجة المحتضر، ورنين المريض؛ وكرير المختنق، وتمتمة الحائر، وغمغمة الغامض، في حكاية الأصوات المعبرة عن الانفعالات الإنسانية المختلفة؛ وفي قدّ القميص، وقطّ القلم، وقطف الثمرة، وقطع الغصن، وقضم اليابس، وقطم العود، وفري الدم، وفرث البطن، وفرد الباب، وفرس العنق، وفرض الفضة، وفرض الخشبة، وفرع الرأس, في حكاية الأصوات الصادرة عن إحداث القطع. [1] الخصائص لابن جني جـ1/ ص549-550.
اسم الکتاب : دراسات في فقه اللغة المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 152