responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دراسات في فقه اللغة المؤلف : صبحي الصالح    الجزء : 1  صفحة : 150
وهذا النص عظيم الفائدة، شديد الإيحاء، وحسبنا أننا عرفنا منه أن هذه المناسبة الطبيعية بين اللفظ ومدلوله قد تنبه إليها علماء اللغة القدامى، كالخليل وسيبويه، بل لقد نبه عليها الأخيران تنبيهًا شديدًا, سمح لابن جني أن يقول: "إن هذا الموضع الشريف تلقته الجماعة بالقبول له والاعتراف بحصته".
وممن صرَّح بهذه الظاهرة وقرَّرَها عبَّاد بن سليمان الضيمريّ أحد رجال الاعتزل المشهورين في عصر المأمون؛ فقد ذهب "إلى أن بين اللفظ ومدلوله مناسبة طبيعية حاملة للواضع على أن يضع، قال: "وإلّا لكان تخصيص الاسم المعين بالمسمّى المعين ترجيحًا من غير مرجّح"[1].
وقد أثَّر عبَّاد في طائفة من اللغويين ظلت تدين بهذه المناسبة الطبيعية بين اللفظ ومدلوله، وربما تكلف بعضهم في إظهار هذه المناسبة حتى خرجوا على طبيعة العربية نفسها ليقولوا كلمتهم في هذا الموضوع في لغات أعجمية لا نعرف على وجه التحديد مدى إجادتهم لها. ويذكر السيوطي أن بعض من يرى رأي عبّاد "سئل ما مسمى "أذغاغ "؟ وهو بالفارسية الحجر، فقال: أجد فيه يبسًا شديدًا، وأراه الحجر"[2].
فهذه العلاقة الطبيعية بين اللفظ ومدلوله, لا يقتصر فيها إذن -عند عبّاد وأتباعه- على اللغة العربية، بل تشمل سائر اللغات؛ لأن كلمة "أذغاغ" فارسية، ولكن هذا الذي يرى رأي عبَّاد -وهو يجهل الفارسية أو ربما كان ملمًّا بها إلمامًا خفيفًا- واستنبط المدلول من الصوت.
وقد أشكل على بعض الباحثين إنكار الجمهور مقالة عباد، لما عرفناه

[1] المزهر للسيوطي 1/ 47.
[2] المصدر نفسه والصفحة ذاتها.
اسم الکتاب : دراسات في فقه اللغة المؤلف : صبحي الصالح    الجزء : 1  صفحة : 150
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست