اسم الکتاب : المزهر في علوم اللغة وأنواعها المؤلف : السيوطي، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 289
يقال: ضرب يضرب فهو ضاربفيطلق هذا الاسم على كل ضرب إذ هو حقيقةٌْ فيُطْلَق ذلك على من كان في زَمَن واضِع اللغة وعلى مَنْ يأتي بعدَه ولا يُقال: اسأل البساط واسأل الحصير واسأل الثوب بمعنى صَاحبه قياسا على {واسأل القَرْيةَ} .
الثاني - إن الحقيقة يشتق منها النعوت يقال أمر يأمر فهو آمر والمجازُ لا يشتق منه النعوت والتفريعات
الثالث إنَّ الحقيقة والمجاز يفترقان في الجمع فإن جمع (أمْر) الذي هو ضد للنهي أوَامر وجمع الأمر الذي هو بمعنى القَصْد والشأن أمور.
فوائد: الأولى - قال ابنُ برهان في كتابه في الأصول: اللغة مشتملة على الحقيقة والمجاز وقال الأستاذ أبو إسحاق الإسفرائيني: لا مجازَ في لغة العرب.
وعُمْدَتنا في ذلك النقلُ المتواتر عن العربلأنهم يقولون: استوى فلان على مَتْن الطريق ولا مَتْنَ لها وفلان على جناح السفر ولا جناح للسفر وشابَتْ لمَّةُ الليل وقامت الحَرْبُ على ساق.
وهذه كلها مجازاتومنكر المجاز في اللغة جاحدٌ للضرورة ومبطل محاسن لغة العرب.
قال امرؤ القيس: // من الطويل //
(فقلتُ له لما تَمَطَّى بصُلبه ... وأردَف أعجازا وناء بِكَلْكَلِ)
وليس لليلٍ صُلْب ولا أرْداف.
وكذلك سموا الرجل الشجاع أسداوالكريم والعالم بحرا والبليد حمارالمقابلة ما بينه وبين الحمار في معنى البلادة والحمارُ حقيقةٌ في البهيمة المعلومة.
وكذلك الأسدُ حقيقة في البهيمة ولكنه نُقل إلى هذه المستعارات تجوّزاً.
وعمدة الأستاذ أن حدَّ المجاز عند مُثْبتيه أنه كلُّ كلام تجوّزَ به عن موضوعه الأصلي إلى غير موضوعه الأصلي لنوع مقارنةٍ بينهما في الذات أو في المعنى: أما المقارنة في المعنى فكَوَصْف الشجاعة والبلادة وأما في الذات فكتسمية المطر سماءوتسمية الفضلة غائطاوعذرة والعَذِرَة: فناء الدار والغائط: الموضع المطمئن من الأرض كانوا يرتادونه عند قضاء الحاجة فلما كَثُر ذلك نُقِل الاسمُ إلى الفَضْلة وهذا يستدعي منقولا عنه متقدما إليه متأخراوليس في لغة العرب تقديم وتأخيربل كلُّ زمان قُدِّر أن العرب قد نطقَتْ فيه بالحقيقة فقد نطقت فيه
اسم الکتاب : المزهر في علوم اللغة وأنواعها المؤلف : السيوطي، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 289