اسم الکتاب : المزهر في علوم اللغة وأنواعها المؤلف : السيوطي، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 287
مجاز حقيقة ولا عكسيدل عليه أن المجاز هو المنقول إلى معنى ثان لمناسبة شاملة والثاني له أول وذلك الأول لا يجب فيه المناسبة.
قال القاضي تاج الدين السبكي في شرح المنهاج: الأصلُ تارة يطلق ويراد به الغالب وتارة يردا به الدليل فقولهم: المجاز خلاف الأصلإما بمعنى خلاف الغالب والخلاف في ذلك مع ابن جني حيث ادعى أن المجاز غالب على اللغات أو بالمعنى الثاني والفرض أن الأصل الحقيقة والمجاز خلاف الأصلفإذا دار اللفظ بين احتمال المجاز واحتمال الحقيقة فاحتمالُ الحقيقة ارجح.
فصل - قال القاضي عبد الوهاب في كتاب الملخص: اعلم أن الفرق بين الحقيقة والمجاز لا يُعْلم من جهة العقل ولا السمع ولا يُعلم إلا بالرجوع إلى أهل اللغة والدليل على ذلك أن العقلَ متقدم على وَضْع اللغة فإذا لم يكن فيه دليل على أنهم وضعوا الاسم لمسمى مخصوص امتنع أن يُعْلم به أنهم نقلوه إلى غيرهلأن ذلك فرعُ العلم بوضعه وكذلك السمع إنما يَرِد بعد تقرر اللغة وحصول المواظبة وتمهيد التخاطب واستمرار الاستعمال وإقرار بعض الأسماء فيما وُضع له واستعمال بعضها في غير ما وضع لهفيمتنع لذلك أن يُقال إنه يعلم به أن استعمال أهل اللغة لبعض الكلام هو في غير ما وُضع له لامتناع أن يُعلم الشيء بما يتأخر عنه.
قال: فمن وجوه الفرق بين الحقيقة والمجاز أن يُوقِفنا أهلُ اللغة على أنه مجاز ومستعمل في غير ما وُضع له كما وَقَفونا في استعمال أسد وشجاع وحمار في القوي والبليد وهذا من أقوى الطرق في ذلك.
ومنها: أنْ تكون الكلمةُ تصرَّف بتثنية وجمع واشتقاق وتعلَّق بمعلوم ثم تجدها مستعملة في موضع لا يثبت ذلك فيهفيعلم بذلك أنها مجازمثل لفظة أمرفإنها حقيقة في القول لتصرفها بالتثنية والجمع والاشتقاقتقول: هذان أمران وهذه أوامر الله وأوامر رسوله وأمَر يأمر أمرا فهو آمر.
ويكون لها تعلق بآمرومأمور به ثم تجدها مستعملة في الحال والأفعال والشأن عارية من هذه الأحكامفيعلم أنها فيه مجازمثل: وما أَمْرُ فِرْعَوْنَ برَشيد يريدُ جملة أفعاله وشأنه.
ومنها: أن تطَّرد الكلمةُ في موضع ولا تطَّرد في موضع آخر من غير مانع
اسم الکتاب : المزهر في علوم اللغة وأنواعها المؤلف : السيوطي، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 287