اسم الکتاب : المدخل إلى علم اللغة ومناهج البحث اللغوي المؤلف : رمضان عبد التواب الجزء : 1 صفحة : 85
فابن جني مثلا يفرق بينهما، فيقول: "اعلم أن الصوت عرض يخرج مع النفس مستطيلا متصلا، حتى يعرض له في الحلق والفم والشفتين، مقاطع تثنيه عن امتداده واستطالته فيسمى المقطع أينما عرض له حرفا. وتختلف أجراس الحروف، بحسب اختلاف مقاطعها، وإذا تفطنت لذلك وجدته على ما ذكرته لك، ألا ترى أنك تبتدئ الصوت من أقصى حلقك، ثم تبلغ به أي المقاطع شئت، فتجد له جرسا ما، فإن انتقلت عنه راجعا منه، أو متجاوزًا له، ثم قطعت، أحسست عند ذلك صدى غير الصدى الأول، وذلك نحو الكاف، فإنك إذا قطعت بها، سمعت هنا صدى ما، فإن رجعت إلى القاف سمعت غيره، وإن جزت إلى الجيم، سمعت غير ذينك الأولين"[1].
فابن جني يفهم الصوت هنا -فيما يبدو- على أنه صوت ذبذبة الأوتار الصوتية، وإن لم يصرح بذلك. أما الحرف فإنه يرادف في كلامه، ما سبق أن سميناه بمخرج الصوت، وذلك واضح من قوله بعد ذلك: "الحرف حد منقطع الصوت وغايته"[2]. ومثل هذ الفهم للصوت والحرف عن ابن جني، يوجد كذلك عند ابن سينا؛ إذ يقول: "والحرف هيئة للصوت عارضة له، يتميز بها عن صوت آخر مثله في الحدة والثقل تميزا في المسموع"[3].
وتصور "الفونيم" أو "الحرف" بالمعنى الذي قدمناه تصور حديث جدا في علم اللغة، وفي علم الأصوات اللغوية، وكان الذي دعا العلماء [1] سر صناعة الإعراب 1/ 6. [2] سر صناعة الإعراب 1/ 16. [3] أسباب حدوث الحروف 6.
اسم الکتاب : المدخل إلى علم اللغة ومناهج البحث اللغوي المؤلف : رمضان عبد التواب الجزء : 1 صفحة : 85