اسم الکتاب : المدخل إلى علم اللغة ومناهج البحث اللغوي المؤلف : رمضان عبد التواب الجزء : 1 صفحة : 104
كيف كان حال العربية الفصيحة في هذا الشأن. ومما يتضح من اللغة نفسها، ومن وزن شعرها، أن الضغط لم يوجد فيها، أو لم يكد يوجد، وذلك أن اللغة الضاغطة، يكثر فيها حذف الحركات غير المضغوطة، وتقصيرها، وتضعيفها، ومد الحركات المضغوطة، وقد رأينا أن كل ذلك نادر في اللغة العربية. وإذا نظرنا إلى اللهجات العربية الدارجة، وجدنا فيها كلها -فيما أعرف- الضغط، وهو في بعضها قوي، وفي بعضها متوسط، غير أنها تتخالف في موضعه من الكلمة في كثير من الحالات، فمن المعلوم أن المصريين يضغطون في مثل: "مطبعة" المقطع الثاني، وغيرهم يضغطون الأول، فلو أن الضغط كان قويا في الزمان العتيق، لكانت اللهجات -على أغلب الاحتمال- حافظت على موضعه من الكلمة، ولم تنقله إلى مقطع آخر"[1].
هذا هو رأي "برجشتراسر". أما إنه ليس لدينا نص، نستند إليه في معرفة حالة النبر في العربية القديمة، فهذا صحيح، وأما إن العربية لم تكن تنبر، فإننا نشك في ذلك الذي قاله برجشتراسر، وهو يغفل في كلامه التطور اللغوي، وتأثير الشعوب المختلفة، التي غزتها العربية، بعاداتها القديمة في النبر، وأثر ذلك في اختلاف موضعه من الكلمة، كما يبدو لنا الآن، في تعدد طرق النبر في مثل كلمة: "مطبعة".
أما الدكتور إبراهيم أنيس، فإنه يسلم بأنه "ليس لدينا من دليل يهدينا إلى موضع النبر في اللغة العربية، كما كان ينطق بها في العصور الإسلامية الأولى؛ إذ لم يتعرض له أحد من المؤلفين القدماء. أما كما ينطق بها قراء القرآن الآن في مصر، فلها قانون تخضع له، ولا تكاد تشذ عنه"[2]. [1] التطور النحوي: 46. [2] الأصوات النحوية: 104.
اسم الکتاب : المدخل إلى علم اللغة ومناهج البحث اللغوي المؤلف : رمضان عبد التواب الجزء : 1 صفحة : 104