اسم الکتاب : اللغة العربية معناها ومبناها المؤلف : تمام حسان الجزء : 1 صفحة : 279
6- الإدغام:
أشرنا من قبل إلى أن النظام قد يصادف مشاكل في تطبيقه حين يتعارض مع مطالب السياق, فالتعارض بين قواعد النظام ومطالب السياق أمر مألوف في اللغات جميعًا, وهو مألوف في اللغة العربية أيضًا, ولقد مثَّلنا من قبل بالتقاء الدال الساكنة والتاء بعدها, فالنظام يقول: إن الدال الساكنة مجهورة, وينبغي أن تظلَّ كذلك باطِّراد, ولكن السياق الذي جاء بعدها بالتاء له مطالب في هذا الموقع تتعارض مع قاعدة النظام, فالسياق هنا يتطلّب الإدغام الذي يصيِّر الدال الساكنة وبعدها التاء على صورة تاء مشددة. ولقد اهتمّ سيبويه بظاهرة الإدغام هذه حتى جعلها مناط دراسته للأصوات العربية كلها, وسنحاول فيما يلي أن نلخص نظرة سيبويه إلى ظاهرة الإدغام تلخيصًا يقربها إلى طريقة التناول الحديثة للظواهر الموقعية, ويذهب ببعض ما في أسلوب سيبويه من غموض وتعقيد يصادفهما القارئ أحيانًا.
الإدغام في نظر سيبويه أنواع:
أ- الإدغام في الحروفين اللذين تضع لسانك لهما موضعًا واحدًا لا يزول عنه -كالميم بعد الميم في كلمتين متتالتين.
ب- الإدغام في الحروف المتقاربة التي هي من مخرج واحد أو من مخرجين متقاربين -كالجيم بعد الشين والباء بعد النون.
"استقلال", فإن لام التعريف الساكنة الداخلة على الكلمة تصبح وسيلةً للتوصُّل إلى النطق بالسين التي في بداية "استقلال", وبذا تصبح أداة التعريف متحركة غير ساكنة, وتنطق الكلمة على صورة "لستقلال", فمطالب السياق هنا غيَّرت صورة الرمز وأبقت على وظيفته, فصيّرت الأداة "ل" بدل "ال", ولكن التعريف هو الوظيفة في الحالتين. والوظيفة التي تدل عليها همزة الوصل أينما وجدت في بداية الكلام هي أنها علامة على هذه البداية -بداية النطق- وليس بداية الجملة بالضرورة, وهذه دون شك دلالة على الموقع تجعل الهمزة ذات صلة بالهيكل العام للمعنى.
اسم الکتاب : اللغة العربية معناها ومبناها المؤلف : تمام حسان الجزء : 1 صفحة : 279