responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اللغة المؤلف : جوزيف فندريس    الجزء : 1  صفحة : 418
كمالهما لا يسعهما إلا الانحدار والفساد, وعلماء الفيلولوجيا الكلاسيون قد نقلوا هذه الفكرة إلى الدراسة اللغوية متخيلين أنه يوجد في تاريخ الإغريقية واللاتينية نقطة كمال وصلت إليها هاتان اللغتان بعد مجهودات طويلة، ومن بعدها سارتا في طريق الاضمحلال.
ففي اللاتينية كان شيشيرون هو المقياس، ومع ذلك كان يروق لهؤلاء الباحثين أن يفتشوا في كتاباته عن مواضع النقص، فأبعدوا من آثاره الخطابات التي كان يكتبها لأصدقائه على أنها كم مهمل لا يليق بقدره, واللاتينية الحقة عندهم تتلخص في طائفة من الخطب والدراسات الفلسفية التي تركها الخطيب الكبير وقد يضيفون إليها شروح قيصر وتراجم كرنليوس نيبوس Cornelius Nepos أما بقية الكتاب اللاتينيين فكانوا موضع ريب أو رفض صريح. فلكريس lucrece كان خشنا قليل العناية، وبلوت plaute متبربر لم يصقل بعد، وسلوست Salluste موبوء بالحوشية، وتيت ليف Tite-live يفوح بالريفية وTacite غريب الأطوار مشتت الذهن، كأنه يجد لذة في الإكثار من الأخطاء اللغوية. وكانوا لا يقدرون مؤلفي العصر الإمبراطوري إلا بمقدار اقترابهم, بواسطة التقليد الأعمى، من لغة شيشيرون التي قرروا أنها مقياس اللغة اللاتينية.
ويمكننا أن نقول هذا القول بعينه في اللغة الإغريقية, وهذه الطريقة في معالجة اللغات القديمة تقوم على الخلط الكريه بين اللغة الأدبية واللغة بوجه عام، اللغة التي يتكلمها جميع الناس في القطر كله والتي تتغير مع الزمن. نعم، لعلماء اللاتينية أن يقرروا مثالا أعلى للغة اللاتينية وأن يفرضوه على طلاب هذه اللغة في موضوعاتهم الإنشائية. فهذه خطة النحو المذهبي الذي يتلخص في هذه العبارة التقليدية: قل كذا ولا تقل كذا, واتباعها يتفق مع تقاليد الكتاب اللاتينيين الذين كانوا يرون في شيشيرون استاذا ومثالا يحتذى, ولكن هذه الخطة الصناعية لا ينبغي أن تطبق على دراسة اللغة.
ومع ذلك فهذا ما كان يعمله لغويو القرن المنصرم[1] الذين كانوا يقررون

[1] ولا سيما شليشر: رقم 197، ص34، ورقم 198، مجلد 1، ص13-17.
اسم الکتاب : اللغة المؤلف : جوزيف فندريس    الجزء : 1  صفحة : 418
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست