اسم الکتاب : اللغة المؤلف : جوزيف فندريس الجزء : 1 صفحة : 400
ففي إيطاليا انتقلت الأبجدية إلى اللاتينيين وإلى الأترسكتين من كوميس Cumes, وهي مستعمرة من مستعمرات أوبين دي شالسيس Eubeens de chalcis ودخلت الأبجدية وادي الرون على أثر تأسيس مرسيليا، ولا زلنا نعثر فيه على نقوش جولية مكتوبة بالحروف الإغريقية وترجع إلى بدء التاريخ الميلادي.
أما من الناحية الشرقية فإن الآرامية هي التي قامت بدور نشر الأبجدية، وهو دور عظيم تبرره ظروف التاريخ, ولكن التغير الذي طرأ على الكتابة هو الذي ساعد على القيام بهذا الدور. فكما أن استعمال الأوراق البردية والحاجة إلى الإسراع في الكتابة قد أديا إلى تحول الكتابة الهيروغليفية في مصر إلى كتابة هيراطيقية ثم إلى كتابة ديموطيقية، فإن الكتابة الفينيقية قد أخذت عندما استعملت في الآرامية صورة جارية وعملية، إذ استدارت الزوايا وانمحت رءوس الحروف، وصارت الشرط المتطرفة تنتهي بنوع من الذيل يدور حول نفسه, وقد امتدت الأبجدية الآرامية إلى الهند, إذ إن معظم النظم الكتابية المستعملة في آسيا الوسطى مشتقة منها. هذا وقد أمكن لها أن تصل إلى الشرق الأقصى، فهي التي تكون الكتابة الكورية التي تستعمل حتى اليوم.
الكتابة الحرفية، وهي آخر مراحل التطور الكتابي، انتشرت في أوربا ابتداء من التاريخ المسيحي بفضل الإغريق والرومان, والذي يفسر هذا الحادث سبب تاريخي، وهو انتشار المسيحية, فإن الحواريين الذين لقنوا المسيحية للشعوب الوثنية علموهم أيضا قراءة النصوص المقدسة، واضطرهم ذلك إلى تكوين أبجديات على نسق الأبجدية التي كانوا هم أنفسهم يقرءون بها هذه النصوص, ومن ثم اتخذت الأبجدية الإغريقية مثالا للأبجدية القوطية بفضل فلفيلا wulfila. وللأبجدية السلافية بفضل سيريل Cyrille وميتود Methode. أما الألمانية القديمة والإنجليزية القديمة والإيرلندية القديمة فقد اشتقت كتابتها من الأبجدية اللاتينية.
نحن نعرف على وجه العموم الصورة التي تكونت بها هذه الأبجديات المختلفة ففلفيلا مثلا بدأ بأن أخذ من الأبجدية الإغريقية جميع الحروف التي تعبر عن أصوات موجودة في لغته، واحتفظ لها بقيمتها, وبالنسبة للأصوات الأخرى
اسم الکتاب : اللغة المؤلف : جوزيف فندريس الجزء : 1 صفحة : 400