اسم الکتاب : اللغة المؤلف : جوزيف فندريس الجزء : 1 صفحة : 329
فقد كانت البونية منذ انتشارها على شواطئ آسيا الصغرى قد صارت لغة مشتركة، وهذه اللغة نعرفها من هيرودوت الذي يمثلها لنا خير تمثيل. فمع كوننا نعرف بشهادة هذه المؤرخ أنه كان يوجد في الدوديكابول Dodecapole عدد من اللهجات المحلية التي يختلف بعضها عن بعض، فقد كان فيها أيضا لغة مشتركة تظل اللهجات المحلية. ولكن الظروف السياسية لم تمكن هذه اللغة البونية المشتركة من الوصول إلى الأهمية التي وصلت إليها اللغة الأتيكية فيما بعد. فقد صارت الأتيكية في الفترة التي بين الحروب الميدية وقيام الإمبراطورية المقدونية في حالة تسمح لها بأن تمد العالم الهليني جميعه بلغة مشتركة، وذلك بفضل هذا التعاون الفائق الذي أنتجته عدة أسباب معقدة. ويجب أن نذكر بين الأسباب التي ساعدت لهجة الأيتكيين على هذا التغلب، ذلك الدور الأساسي الذي آل إلى أثينا بعد سقوط الإمبراطورية الفارسية. ولكن زاد من قون الأتيكية وإشعاعها شهرة شعرائها وفنانيها، فكان لأثينا -بوصفها مركزا سياسيا وأدبيا وفنيا على السواء- شرف تأسيس اللغة المشتركة التي ظلت منذ القرن الرابع قبل الميلاد حتى القرن التاسع بعد الميلاد، أداة للتفكير عند جميع الإغريقيين. هذه اللغة خرجت من اللهجة الأتيكية كما كانت تتكلم في حدود الإقليم، فهي لا شيء أكثر من تهيئة اللهجة الأتيكية لاستعمال سكان ذوي لهجات بل ولغات مختلفة.
في إيطاليا القديمة تختلف الظروف بعض الشيء[1]. فاللاتينية التي صارت لغة إيطاليا المشتركة وأخيرا لغة العالم الغربي بأسره، كانت لغة روما أولا وقبل كل شيء، أي لغة المدينة في مقابلة لغة الريف المجاور واللهجات القاصية على السواء. وقد بدأت لغة المدينة Le sermo urbanus بالتضييق على اللغة الريفية le sermo rusticus قبل أن تحل محل اللهجات المجاورة بعد أن غزتها في عقر دارها، مثل السابية le sabin والمرسية le marse، ثم محل لغات إيطاليا الأخرى من أسكية l'osque وأمبرية l'ombrien وأترسكية l'etrusque [1] شتلتس Stolz، رقم 208.
اسم الکتاب : اللغة المؤلف : جوزيف فندريس الجزء : 1 صفحة : 329