الثاني - كما نعلم - أن هؤلاء النحاة كانوا يقولون ذلك منذ زمن مضى نقدره بنحو خمسين سنة أو يزيد، وهو ما يوافق زمن الفصاحة الذي حدد بمنتصف القرن الثاني في الحواضر ونهاية القرن الرابع في البوادي، فهل يجوز للبغدادي أن يطعن في حُجِّيّة البيت؟.
ويقوي مذهب المدنيين قراءة ابن عامر في آية المائدة المتقدمة، وهي قراءة سبعية متواترة، لا يجوز الطعن فيها، وقد قرأ بعض السلف {مُخْلِفَ وَعْدَه رُسُلِه} [1]، بالإِضافة إلى جملة من الشواهد الشعرية[2].
ولورود ذلك في القرآن اقترح الدكتور مكي الأنصاريّ أن تعدل القاعدة التي ذكرها البصريون، فقال: يجوز الفصل بين المتضايفين في النثر بالمفعول به[3].
وهذا دليل على سلامة ما ذهب إليه نحاة المدينة في هذه المسألة.
3- ضمير الفصل:
قد يقع الضمير المنفصل المرفوع بين المبتدأ والخبر أو ما في حكمهما من النواسخ إذا كانا معرفتين أو مقاربين للمعرفة[4]، وذلك في نحو {إنْ كَانَ هَذا هُوَ الحَقَّ} [5] و {كُنّا نَحْنُ الوَارِثِين} [6].
ويسمى هذا الضمير عند البصريين ضمير الفصل، ويسميه الكوفيون عمادا. [1] سورة إبراهيم: الآية 47، وينظر: الكشاف 2/384، والمحرر الوجيز 8/266، والبحر المحيط 5/244، والدر المصون 7/129. [2] ينظر: الإنصاف 2/ 427- 431. [3] ينظر: نظرية النحو القرآني 78. [4] ينظر: شرح جمل الزجاجي لابن عصفور 2/65. [5] سورة الأنفال: الآية 32. [6] سورة المائدة: الآية 120.