ببَشْكُسْت، وعلى الجمل، وعيسى بن يزيد بن دأب اللّيثيّ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدويّ، ومروان بن سعيد المهلبيّ، وغيرهم.
ويبدو أن ابن برهان النحوي (456 هـ) بلغه خبر لغوي المدينة ونحوييها، أو خبر بعضهم، وعرف قدرهم، فكان أكثر إنصافاً؛إذ قال: "النحويون جنس تحته ثلاثة أنواع: مدنيون، كوفيون، بصريون "[1].
فانظر كيف بدأ بالمدنيين لسبقهم الزمنيّ.
ونقل القفطيّ كلام ابن برهان وعلق عليه ووجهه بقوله: "أراد أن أصل النحو نتج من أول علماء هذه المدن"[2].
وقد يطلق على نحاة المدينة ومكة معاً في بعض المصادر مسمّى: نحويوا الحجاز، لاشتراكهم في بعض الآراء أو المصطلحات النحوية، ومن الثابت أن لهم نظرات خاصة تفردوا بها بعد طول تأمل، ومن ذلك ما أورده الفراء بعد أن عرض مسألة نحوية: "وهذا مما كان يقوله نحويوا أهل الحجاز، ولم نجد مثله في العربية3".
وتبرز - هنا - عدة أسئلة، وهي:
لماذا أهمل أمر النحاة واللغويين في المدينة؟
هل كانت بضاعتهم مزجاة، لا تستحق الذكر؟
أو كان نحوهم يختلف عما بين أيدينا من النحو، فسقط؟
أو أن هناك أسباباَّ أخرى نجهلها؟
يبدو أن السبب المباشر للإهمال أو التجاهل - إن صح التعبير - يكمن في انشغال المسلمين في صدر الإسلام بأخبار الحرب وأنباء الفتوح، التي كانت [1] شرح اللمع لابن برهان 1/1، ينظر: إنباه الرواة 2/172. [2] إنباه الرواة 2/172.
3 معاني القرآن 1/358.