ويمكن أن نوجز هذه العوامل الّتي أدَّت إلى نشأة الدَّرس اللُّغوي والنَّحوي على وجه الخصوص في ثلاثة عوامل، وهي:
1- ظهور اللحن وانتشاره.
2- حماية القرآن من اللحن.
3- فهم القرآن ودرسه.
وفيما يلي تفصيل لهذه العوامل الثلاثة:
أولاً: ظهور اللحن وانتشاره
للحن معان، منها ما اصطلح عليه النُّحاة، وهو مخالفة العرب في سنن كلامهم، أو كما يقول ابن فارس: "إمالة الكلام عن جهته الصَّحيحة في العربية"[1]. وهو الذي يعنينا من معانيه في هذا البحث.
ويميل كثير من الباحثين إلى أنَّ اللحن بهذا المعنى لم يكن معروفاً في العصر الجاهلي، وإنّما شاع في العصر الإسلامي في المدينة ابتداءً، بسبب اختلاط العرب بغيرهم، ودخول الأعاجم في دين الله أفواجاً، واتّصال العرب بالأمم المجاورة[2].
يقول أبو بكر الزُبيديّ: "ولم تزل العرب تنطق على سجيتها في صدر إسلامها وماضي جاهليتها، حتَّى أظهر الله الإسلام على سائر الأديان، فدخل النَّاس فيه أفواجاً، وأقبلوا إليه أرسالاً، واجتمعت فيه الألسنة المتفرقة، والُّلغات المختلفة، ففشا الفساد في اللُّغة العربيَّة، واستبان منه الإعراب الَّذي هو حليها، والموضح لمعانيها، فتفطّن لذلك من نافر بطباعه سوء أفهام النّاطقين من دخلاء الأمم بغير المتعارف من كلام العرب، فعظم الإشفاق من فشوّ ذلك [1] مقاييس اللّغة (لحن) 5/239. [2] ينظر: المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام 9/15، وتاريخ آداب العرب 1/234، وأثر القرآن في أصول مدرسة البصرة النحوية 124.