أراد: الصيارف، فأشبع الكسرة؛ فنشأت الياء، والشواهد على[1] إشباع الضمة والفتحة والكسرة كثيرة جدًّا؛ وهذا القول ضعيف؛ لأن إشباع الحركات إنما يكون في ضرورة الشعر كهذه الأبيات؛ وأما في حالة الاختيار، فلا يجوز ذلك بالإجماع، فلما جاز -ههنا- في حالة الاختيار أن تقول: هذا أبوه، ورأيت أباه، ومررت بأبيه، دل على أن هذه الحروف ما نشأت عن إشباع الحركات. وقد حكي عن بعض العرب أنهم يقولون: "هذا أبك، ورأيت أبك، ومررت بأبك" من غير واو، ولا ألف، ولا ياء؛ ويحكى عن بعض العرب أنهم يقولون: "هذا أباك، ورأيت أباك، ومررت بأباك" بالألف في حالة الرفع والنصب والجر؛ كقوله[2]: [الرجز]
إن أباها وأبا أباها ... [قد بلغا في المجد غايتاها]
والذي يعتمد عليه هو القول الأول، وقد بينا ذلك مستقصى في كتابنا الموسوم: بـ: "الإسماء في شرح الأسماء".
= عندما ينتصف النهار. تنقاد: مصدر نقد الدراهم -ميز رديئها من جيدها. الصياريف: جمع "صيرف"، وهو الخبير بالنقد الذي يبادل بعضه ببعض.
موطن الشاهد: "الدراهيم، الصياريف".
وجه الاستشهاد: الأصل فيهما: الدراهم والصيارف؛ فأشبع كسرة الهاء في الدراهم، وكسرة الراء في الصيارف؛ فتولدت عن كل إشباع منهما ياء؛ وحكم هذا الإشباع الجواز للضرورة الشعرية. وقيل: إن "دراهيم" جمع "درهام" لا جمع درهم، ولا شاهد فيه، حيث لا زيادة ولا حذف. [1] في "ط" في، والصواب ما أثبتنا من "س". [2] القائل أبو النجم العجلي؛ وهو الفضل بن قدامة، من بني بكر بن وائل، من أشهر الرجاز وأحسنهم إنشادًا للشعر. مات سنة 130هـ الأعلام: 5/ 357.
موطن الشاهد: "أبا أباها".
وجه الاستشهاد: ألزم قوله "أبا" وهو من الأسماء الستة الألف في حالة الجر على لغة من يلزمونه الألف في الحالات كلها؛ والذي عليه الجمهور، وما نقل إلينا بالتواتر: أبا أبيها؛ لأن الأسماء الستة علامة جرها الياء، كما هو معروف. وفي البيت شاهد آخر في "بلغا.. غايتاها" حيث ألزم المثنى الألف في حالة النصب على لغة من يلزمونه ذلك؛ والذي عليه الجمهور، وما نقل إلينا بالتواتر علامة نصب المثنى الياء.