في موضع رفع بالابتداء، وزيدًا[1] في موضع الخبر، ويحكون الإعراب، وتكون الحركة قائمة مُقام الرفعة[2] التي تجب بخبر المبتدأ.
[بنو تميم لا يحكمون الإعراب]
وأما بنو تميم فلا يحكون، ويقولون: "مَنْ زيدٌ" بالرفع في جميع الأحوال، فيجعلون "مَنْ" في موضع رفع؛ لأنَّه مبتدأ وزيد هو الخبر، ولا يحكون الإعراب؛ وهو القياس؛ والذي يدل على ذلك: أن أهل الحجاز يوافقون بني تميم في العطف والوصف؛ فالعطف كقولك إذا قال لك القائل: رأيتُ زيدًا: ومن زيدٌ؟، والوصف كقولك إذا قال /لك/[2] القائل: رأيتُ زيدًا الظريف: "مَنْ زيدٌ الظريف؟ ".
[أهل الحجاز يخصون الحكاية باسم العلم والكنية وعلة ذلك]
فإن قيل: فَلِمَ خَصّ أهل الحجاز الحكاية بالاسم العلم والكنية؟ قيل: لأنَّ الاسم العلم والكنية غُيِّرا، ونُقلا عن وضعهما؛ فلمَّا دخلهما التغيير؛ والتغيير يؤنس بالتغيير.
[علة رفع الحجازيين في العطف والوصف]
فإن قيل: فَلِمَ رفع أهل الحجاز مع العطف والوصف؟ قيل: لارتفاع اللَّبس.
[الزيادات التي تلحق مَنْ في الاستفهام عن النكرة في الوقف]
فإن قيل: فما هذه الزيادات التي تلحق مَنْ في الاستفهام عن النكرة في الوقف في حالة الرفع، والنصب، والجر، والتأنيث، والتثنية، والجمع؛ نحو: "منو، ومنا، ومني، ومنان، ومَنَيْن، ومنون، ومَنيْن، ومَنَهْ، ومنتان، ومَنْتَيْن، ومنات" هل هي إعراب أو لا؟ قيل: هذه الزيادات التي تلحق "مَنْ" من تغييرات[3] الوقف، وليست بإعراب، والدليل على ذلك من وجهين:
أحدهما: أنَّ "مَنْ" مبنية، والمبني لا يلحقه الإعراب.
والثَّاني: أنَّ الإعراب يثبت في الوصل، ويسقط في الوقف[4]؛ وهذا [1] في "س" وزيد. [2] سقطت من "س". [3] في "س" تغيُّرات. [4] علق محقق: "أسرار العربية" بالآتي: إنَّ الحكاية في "مَنْ" خاصة بالوقف. نقول: مَنانْ -بالوقف والإسكان- وإن وصلت قلت: مَن يا هذا، وبطلت الحكاية. 392/ حاه. [1] يُنسب هذا البيت إلى شمر بن الحارث الضَّبِّيّ، ولم اصطد له ترجمة وافية. [2] المفردات الغريبة: منون أنتم: من أنتم. عِمُوا ظلامًا: تحية العرب في الصباح: عم صباحًا، وفي المساء: عم مساءً؛ وللجمع: عِمُوا؛ وقال: عِمُوا ظلامًا لمخاطبته بها الجنّ، وهي تتأذى من النار التي أوقدها.
موطن الشاهد: "منون أنتم".
وجه الاستشهاد: زيادة الواو والنون على مَنْ في الوصل؛ لأنَّ القياس أن يقول: من أنتم؟؛ وهذا من باب الشذوذ الذي تسوغه الضرورة الشعرية.