عن القياس؛ فلأَ القياس يقتضي أنَّ حرف العلة إذا تحرَّك، وانفتح ما قبله، يقلب ألِفًا ولا يحذف، فلمّا /حُذف/[1] ههنا من "دمو" دل على أنه على خلاف القياس.
والوجه الثاني: أنهم إنما حذفوا "الياء والواو" من "يد، وغد، ودم" لاستثقال الحركات عليها؛ لأن الأصل فيها "يَدَيٌ، وغَدَوٌ، ودَمَوٌ"؛ /و/[2] أما في باب الترخيم، فإنما وقع الحذف فيه على خلاف القياس؛ لتخفيف الاسم الذي كثرت حروفه، ولم يوجد -ههنا- لأنه في غاية الخفة، فلا حاجة بنا إلى تخفيفه بالحذف.
[علة ترخيم ما فيه علامة التأنيث]
فإن قيل: فَلِمَ جاز ترخيص ما فيه علامة التأنيث[3]؛ نحو قولك في سنة "يا سن"[4]،وما أشبه ذلك؟ قيل: لأنَّ هاء التأنيث بمنزلة اسم ضُمَّ إلى اسم، وليست من بناء الاسم، فجاز حذفها كما يحذف الاسم الثاني من الاسم المركب؛ تقول في ترخيم حضرموت: "يا حَضْرَ" وفي بعلبك: "يا بَعْلَ"، وما أشبه ذلك.
[خلافهم في جواز ترخيم المضاف إليه]
فإن قيل: فهل يجوز ترخيم المضاف إليه؟ قيل: اختلف النحويون في ذلك؛ فذهب البصريون إلى أنه لا يجوز ترخيمه، [لأن الترخيم إنما يكون في ما يؤثر النداء فيه بـ "يا" والمضاف إليه، لم يؤثر في النداء بـ "ياء" فكذلك لا يجوز ترخيمه] [5]. وذهب الكوفيون إلى أنه يجوز ترخيمه، واحتجوا بقول زهير بن أبي سلمى[6] /وهو/[7]: [الطويل]
خذوا حَظَّكم يا آل عِكْرِمَ واحفظوا ... أَوَاصِرَنا والرَّحم بالغيب تُذْكَرُ8 [1] سقطت من "س". [2] سقطت من "س". [3] في "ط" فلم جاز الترخيم ما في علامة التأنيث، وما أثبتناه هو الصّواب. [4] في "س" ثبة: ياثب. [5] سقطت من "س". [6] سبقت ترجمته. [7] سقطت من "س".
8 المفردات الغريبة: الأواصر: العواصف والأرحام؛ والمعنى: خذوا نصيبكم من مودَّتنا ومسالمتنا.
موطن الشاهد: "عِكْرِمَ".
وجه الاستشهاد: ترخيم "عكرمة" وهو واقع في محل جر بالإضافة، فاحتج الكوفيون به وبأمثاله على جواز ترخيم الاسم الواقع مضافًا إليه، بينما يرى البصريون أن ترخيمه من قبيل ترخيم الاسم للضرورة الشعرية.