الباب الثالث والثلاثون: باب العدد
[علَّة دخول الهاء على العدد المذكّر]
إن قال قائل: لِمَ أدخلت الهاء من الثلاثة إلى العشرة في المذكر؛ نحو: "خمسة رجال" ولم تدخل في المؤنث؛ نحو: "خمس نسوة"؟ قيل: إنما فعلوا ذلك للفرق بينهما فإن قيل: فهلَّا عكسوا، وكان الفرق حاصلاً؟ قيل: لأربعة أوجه:
الوجه الأوَّل: أن الأصل في العدد أن يكون مؤنثًا، والأصل في المؤنث أن يكون بالهاء، والمذكر هو الأصل، فأخذ الأصل الهاء؛ فبقي المؤنث بغير هاء.
والوجه الثاني: أن المذكر أخف من المؤنث، فلما كان المذكر أخف من المؤنث، احتمل الزيادة، والمؤنث لَمّا كان أثقل، لم يحتمل الزيادة.
والوجه الثالث: أن "الهاء" زيدت للمبالغة، كما زيدت في: علامة، ونسابة، والمذكر أفضل من المؤنث، فكان أولى بزيادتها.
والوجه الرَّابع: أنهم لَمَّا كانوا يجمعون ما كان على مثال "فُعَال" في المذكر بالهاء؛ نحو: "غُراب وأغربة" ويجمعون ما كان على هذا المثال في المؤنث بغير هاء؛ نحو: "عُقاب وأعقُب" حملوا العدد على الجمع؛ فأدخلوا الهاء في المذكر، وأسقطوها في[2] المؤنث، وكذلك حكمها بعد التركيب/ إلى العشرة/[3]، إلا العشرة فإنها تتغير؛ لأنها تكون في حال التركيب في المذكر بغير هاء، والمؤنث بالهاء، لأنَّهم لَمَّا ركبوا الآحاد مع العشرة، صارت[4] معها بمنزلة اسم واحد؛ كرهوا أن يثبتوا الهاء في العشرة، لئلا يصير بمنزلة الجمع بين تأنيثين في اسم واحدٍ على لفظ واحد.
1 في "س" واقعًا. [2] في "س" من. [3] سقطت من "س". [4] في "س" وصيّرت.