الباب الثاني والثلاثون: باب كم
[بناء كم على السكون وعلة ذلك]
إن قال قائل: لم بُنيتت "كم" على السكون؟ قيل: إنما بُنيت؛ لأنها لا تخلو إما أن تكون استفهامية، أو خبرية، فإن كانت استفهامية، فقد تضمنت معنى حرف الاستفهام، وإن كانت خبرية، فهي نقيضة "رُبَّ" لأنَّ "رُبَّ" للتقليل، و"كم" للتكثير، وهم يحملون الشيء على ضده كما يحملونه على نظيره، فبنيت/كم/[1] حملاً على "رُبَّ". وإنما بُنيت على السُكون؛ لأنه الأصل في البناء.
[وجوب مجيء كم في صدر الكلام وعلة ذلك]
فإن قيل: فَلِمَ[2] وجب أن تقع "كم" في صدر الكلام؟ قيل: لأنَّها إن كانت استفهامية، فالاستفهام له صدر الكلام، وإن كانت خبرية، فهي نقيضة "رُبَّ"، و"رُبَّ" معناها التقليل، والتقليل مضارع[3] للنفي؛ والنفي له صدر الكلام كالاستفهام.
فإن قيل: فَلِمَ كان ما بعدها في الاستفهام منصوبًا، وفي الخبر مجرورًا؟ قيل: للفرق بينهما، فجعلت في الاستفهام بمنزلة عدد ينصب ما بعده، وفي الخبر بمنزلة عدد يجرُ ما بعده، وإنما جُعلت في الاستفهام بمنزلة عدد (ينصب ما بعده، لأنَّها في الاستفهام بمنزلة عدد) [4] يصلح للعدد القليل والكثير؛ لأنَّ المستفهم يسأل عن عددٍ قليل[5] وكثير، ولا يعلم مقدار ما يستفهم عنه، فجعلت في الاستفهام بمنزلة العدد المتوسط بين القليل والكثير، وهو من أحد [1] سقطت من "س". [2] في "س" لِمَ. [3] في "س" يضارع. [4] سقطت من "س". [5] في "ط" كثير وقليل.