وكذلك قولهم: "بحسبك زيد، وما جاءني من أحد" /و/[1] لو حذفت حرف الجر، لقلت: "حسبك زيد، وما جاءني أحد" بالرفع؛ فدل على أن حذف حرف الجر، لا يوجب النصب.
[علة إهمال ما التميمية]
فإن قيل: لِمَ لَمْ تعمل على لغة بني تميم؟ قيل: لأن الحرف إنَّما يعمل إذا كان مختصًّا بالاسم، كحرف الجر، أو بالفعل كحرف الجزم [وَ] [2] إذا كان يدخل على الاسم والفعل لم يعمل كحرف العطف، و"ما" تدخل على الاسم والفعل، ألا ترى أنك تقول: "ما زيد قائم، وما يقوم زيد" فتدخل عليهما، فلما كانت غير مختصة؛ وجب أن تكون غير عاملة.
فإن قيل: فَلِمَ[3] دخلت الباء في خبرها؛ نحو: "ما زيد بقائم"؟ قيل: لوجهين؛ أحدهما: أنها أدخلت[4] توكيدًا للنفي،
والثاني: أن يُقَدَّر أنَّها جواب لمن قال: "إن زيدًا لقائم" فأدخلت الباء في خبرها؛ لتكون بإزاء اللام في خبر إنَّ.
[إهمال ما الحجازية إذا توسطت إلَّا بينها وبين خبرها وعلة ذلك]
فإن قيل: فَلِمَ[3] بطل عملها في لغة أهل الحجاز، إِذَا فصلت[5] بين اسمها وخبرها بإلا؟ قيل: لأن "ما" إنَّما عملت؛ لأنَّها أشبهت "ليس" من جهة المعنى وهو، النفي، و"إلا" تبطل معنى النفي، فتزول المشابهة، وإذا[6] زالت المشابهة؛ وجب ألا تعمل.
[إهمال ما الحجازية إذا فصل بينها وبين اسمها وخبرها بـ "إن" الخفيفة وعلة ذلك]
فإن قيل: فلماذا بطل عملها -أيضًا- إذا فصلتَ[5] بينها وبين اسمها وخبرها بـ "إن" الخفيفة؟ قيل: لأن "ما" ضعيفة في العمل؛ لأنها إنما عملت لأنها أشبهت فعلاً لا يتصرف شبهًا ضعيفًا من جهة المعنى؛ فلما كان عملها ضعيفًا؛ بطل عملها مع الفصل؛ ولهذا المعنى، يبطل[7] عملها -أيضًا- إذا [1] سقطت الواو من "س". [2] زيادة يقتضيها السياق. [3] في "س" لِمَ. [4] في "س" دخلت. [5] في "س" فصل. [6] في "س" فإذا؛ وكلاهما صحيح. [7] في "س" بطل.