الباب السادس عشر: باب عسى
[عسى فعل جامد من أفعال المقاربة]
إن قال قائل: ما "عسى" من الكلام[1]؟ قيل: فعل ماض من أفعال المقاربة لا يتصرف، وقد حكي[2] عن ابن السّرَّاج[3] أنه حرف، وهو قول شاذ لا يعرج عليه، والصحيح أنه فعل؛ والدليل على ذلك، أنه يتصل به تاء الضمير، وألفه، وواوه؛ نحو: "عسيت، وعسيا، وعسوا"؛ قال الله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ} [4] فلما دخلته هذه الضمائر كما تدخل على الفعل؛ نحو: قمت، وقاما، وقاموا، وقمتم، دل على أنه فعل، وكذلك -أيضًا- تلحقه تاء التأنيث الساكنة التي تختص بالفعل؛ نحو: عست المرأة؛ كما تقول: قامت وقعدت؛ فدل على أنه فعل.
[عِلَّة عدم تصرفِ عسى]
فإن قيل: فَلِمَ لا يتصرَّف؟ قيل: لأنه أشبه الحرف، لأنه لَمّا كان فيه معنى الطمع أشبه لعلَّ، ولعل حرف لا يتصرف، فكذلك ما أشبهه.
[عمل عسى]
فإن قيل: فماذا تعمل[5] عسى؟ قيل: ترفع الاسم، وتنصب الخبر مثل كان، إلا أن خبرها لا يكون إلا مع الفعل المستقبل؛ نحو: عسى زيد أن يقوم. [1] في "س" الكلِم. [2] في "س" يُحكى. [3] ابن السّرَّاج: أبو بكر، محمد بن السّريّ، أخذ النحو عن المبرِّد، وخلفه في إمامة النحو؛ وأخذ عنه الزَّجّاجي، والسِّيرافي، والفارسي، وغيرهم. مات سنة 316هـ. إنباه الرواة 4/ 154. [4] س: 47 "محمد، ن: 22، مد". [5] في "ط" تفعل.