اسم الکتاب : نهر الذهب فى تاريخ حلب المؤلف : كامل الغَزِّي الجزء : 1 صفحة : 362
نقلها سيف الدولة إلى حلب كثّر بهم من بقي من أهلها وأخذت قنسرين بالخراب حتى لم يبق بها سوى خان تنزله القوافل وعشار السلطان.
ثم عمرت مرة أخرى وتراجع سكانها إليها واستمرت إلى سنة 389 فغزاها الروم وخربوها ورحلوا عنها فجاء إليها بنو البصيص التنوخيون من أمراء جبل لبنان وعمروها ثم خربها الروم أيضا عند قصدهم حلب سنة 422 ثم عمرها سليمان بن قتلمش وتحصن بها سنة 479 ثم خربها تاج الدولة تتشق السلجوقي لما قتل سليمان المذكور وفي سنة 564 نقل نور الدين أعمدة سورها إلى جامع حلب وبناها به كما أشرنا إلى ذلك في الكلام على الجامع. ولمحمد بن علي العشائري المتوفى سنة 789 تاريخ سماه تاج النسرين في تاريخ قنسرين بحثنا عنه كثيرا فلم نظفر به.
وكان لقنسرين حاضر له قلعة تشبه قلعة قنسرين جرى بين أهلها وبين أهل حلب قتال فغلبهم أهل حلب وأجلوهم عنها وأخذت بالخراب حتى عادت تلا يزرعه الفلاحون.
وهي على فرسخ من قنسرين وينسب إليها جماعة من أهل الحديث منهم الحافظ أبو بكر محمد بن بركة بن الحكيم المعروف ببرداعس سكن حلب وقدم دمشق وحدث بها وتوفي سنة 328 وكان هذا الحاضر قبل الفتح لتنوخ منذ أول ما تنخوا بالشام «1» ونزلوه وهم في خيم الشعر ثم ابتنوا به المنازل. ولما فتح أبو عبيدة قنسرين دعا أهل حاضرها إلى الإسلام فأسلم بعضهم وأقام بعضهم على النصرانية فصالحهم على الجزية. وكان أكثر من أقام على النصرانية من سليح بن حلوان بن عمران ابن الحاف بن قضاعة وأسلم من أهل ذلك الحاضر جماعة في خلافة المهدي فكتب على أيديهم بالحضرة قنسرين. وقال عكرشة العبسي يرثي بنيه «2» :
سقى الله أجداثا ورائي تركتها ... بحاضر قنّسرين من سبل القطر
مضوا لا يريدون الرّواح وغالهم ... من الدهر أسباب جرين على قدر
ولو يستطيعون الرواح تروّحوا ... معي وغدوا في المضجعين «3» على ظهر
اسم الکتاب : نهر الذهب فى تاريخ حلب المؤلف : كامل الغَزِّي الجزء : 1 صفحة : 362