اسم الکتاب : منادمة الأطلال ومسامرة الخيال المؤلف : ابن بدران الجزء : 1 صفحة : 214
توفّي الْملك الصَّالح إِسْمَاعِيل ابْن نور الدّين مَحْمُود بن زنكي بن آقسنقر صَاحب حلب وعمره نَحْو تسع عشرَة سنة وَلما اشْتَدَّ بِهِ مرض القولنج وصف لَهُ الْأَطِبَّاء الْخمر فَمَاتَ وَلم يستعملها وَكَانَ حَلِيمًا عفيف الْيَد والفرج وَاللِّسَان ملازما لأمور الدّين لَا يعرف شَيْئا مِمَّا يتعاطاه الشَّبَاب وَأوصى بِملك حلب إِلَى ابْن عَمه عز الدّين مَسْعُود صَاحب الْموصل فَلَمَّا مَاتَ سَار مَسْعُود وَمُجاهد الدّين قيماز من الْموصل إِلَى حلب وَاسْتقر بملكها ثمَّ كَاتبه أَخُوهُ عماد الدّين زنكي بن مودود صَاحب سنجار فِي أَن يُعْطِيهِ حلب وَيَأْخُذ مِنْهُ سنجار فاشار عَلَيْهِ قيماز بذلك فَلم يُمكن مسعودا إِلَّا مُوَافَقَته فَأجَاب إِلَى ذَلِك فَسَار عماد الدّين إِلَى حلب وتسلمها وَسلم سنجار إِلَى أَخِيه مَسْعُود وَعَاد مَسْعُود إِلَى الْموصل
نور الدّين
قَالَ الْحَافِظ ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخ دمشق مَحْمُود بن زنكي بن آق سنقر ابْن أبي سعيد قسيم الدولة الذكي الْملك الْعَادِل نور الدّين وناصر أَمِير الْمُؤمنِينَ كَانَ جده آق سنقر قد ولاه السُّلْطَان أَبُو الْفَتْح ملك شاه بن ألب أرسلان حلب وَولي غَيرهَا من بِلَاد الشَّام وَنَشَأ أَبوهُ قسيم الدولة بعده بالعراق وندبه السُّلْطَان مَحْمُود بن مُحَمَّد ابْن ملكشاه بن ألب أرسلان بِرَأْي الْخَلِيفَة المسترشد بِاللَّه أَمِير الْمُؤمنِينَ لولاية ديار الْموصل والبلاد الشامية بعد قتل آقسنقر البرسفي وَمَوْت ابْنه مَسْعُود فظهرت كِفَايَته وَظَهَرت شهامته فِي مُقَابلَة الْعَدو وثبوته عِنْد ظُهُور متملك الرّوم ونزوله على شيزر حَتَّى رَجَعَ إِلَى بِلَاده خائبا وحاصر أَبوهُ قسيم الدولة دمشق مرَّتَيْنِ فَلم يَتَيَسَّر لَهُ فتحهَا وَفتح الرها والمعرة وَكفر طَابَ وَغَيرهَا من الْحُصُون الشامية واستنقذها من أَيدي الْكفَّار
فَلَمَّا انْقَضى اجله قَامَ ابْنه نور الدّين مقَامه فِي ولَايَة الْإِسْلَام ومولده على مَا ذكر لي كَاتبه أَبُو الْيُسْر شَاكر بن عبد الله التنوخي المعري وَقت طُلُوع الشَّمْس من يَوْم الْأَحَد سَابِع عشر شَوَّال سنة إِحْدَى عشرَة وَخَمْسمِائة وَلما راهق لزم خدمَة وَالِده إِلَى أَن انْتَهَت مدَّته لَيْلَة الْأَحَد السَّادِس من شهر ربيع الآخر سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة على قلعة جعر وَكَانَ محاصرا لَهَا وَنقل تابوته إِلَى مشْهد الرقة فَدفن بهَا وسير صبحة الْأَحَد الْملك ألب أرسلان ابْن السُّلْطَان مَحْمُود بن مُحَمَّد إِلَى الْموصل مَعَ
اسم الکتاب : منادمة الأطلال ومسامرة الخيال المؤلف : ابن بدران الجزء : 1 صفحة : 214