responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مثير الغرام الساكن إلى أشرف الأماكن - ط دار الحديث المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 502
وَاحِدَةٍ.
وَمَرَّ ابْنُ عُمَرَ عَلَى مَقْبُرَةٍ، فَنَزَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ: ذَكَرْتُ أَهْلَ الْقُبُورِ وَكَيْفَ حِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ هَذَا، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَقَرَّبَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ.
وَقَامَ الْحَسَنُ عَلَى شَفِيرِ قَبْرٍ، وَقَالَ: إِنَّ أَمْرًا هَذَا آخِرُهُ لَحَقِيقٌ أَنْ يَزْهَدَ فِي أَوَّلِهِ.
وَوَقَفَ الْفُضَيْلُ الرِّقَاشِيُّ عَلَى الْمَقَابِرِ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ الدِّيَارِ الْمُوحِشَةِ، وَالْمَحَالِّ الْمُقْفِرَةِ الَّتِي نَطَقَ بِالْخَرَابِ فَنَاؤُهَا، وَشُيِّدَ بِالتُّرَابِ بِنَاؤُهَا، مُحِلُّهَا مُقْتَرِبٌ، وَسَاكِنُهَا مُغْتَرِبٌ، لا يَتَوَاصَلُونَ تَوَاصَلَ الإِخْوَانِ، وَلا يَتَزَاوَرُونَ تَزَاوُرَ الْجِيرَانِ، قَدْ طَحَنَهُمْ بِكَلْكَلِهِ الْبِلَى، وَأَكَلَهُمُ الْجَنْدَلُ وَالثَّرَى، عَلَيْكُمْ مِنَّا السَّلامُ وَمِنْ رَبِّكُمُ الإِكْرَامُ.
وَجَازَ رَجُلٌ عَلَى مَقْبُرَةٍ فَأَنْشَدَ يَقُولُ:
سَلامٌ عَلَى أَهْلِ الْقُبُورِ الدَّوَارِسِ ... كَأَنَّكُمْ لَمْ تَجْلِسُوا فِي الْمَجَالِسِ
وَلَمْ تَشْرَبُوا مِنْ بَارِدِ الْمَاءِ شَرْبَةً ... وَلَمْ تَأْكُلُوا مِنْ بَيْنِ رَطْبِ وَيَابِسِ
أَلا خَبِّرُونِي أَيْنَ قَبْرُ ذَلِيلِكُمْ ... وَقَبْرُ الْعَزِيزِ الْبَاذِلِ الْمُتَشَاوِسِ؟
وَأَنْشَدَ آخَرُ:
تُنَادِيكَ أَجْدَاثٌ وَهُنَّ صُمُوتُ ... وَأَجْسَامُهُمْ تَحْتَ التُّرَابِ خُفُوتُ
أَيَا جَامِعَ الدُّنْيَا لِغَيْرِ بَلاغَةٍ ... لِمَنِ تَجْمَعُ الدُّنْيَا وَأَنْتَ تَمُوتُ
وَأَنْشَدَ آخَرُ:
كَأَنِّي بِأَصْحَابِي عَلَى حَافَّتَيْ قَبْرِي ... يُهِيلُونَ مِنْ فَوْقِي وَأَعْيُنُهُمْ تَجْرِي
سَتَنْسَوْنَ أَيَّامِي إِذَا مَا رَجَعْتُمُو ... وَغَادَرْتُمُونِي رَهْنَ زَاوِيَةٍ قَفْرِ
أَلا أَيُّهَا الْمُذْرِي عَلَيَّ دُمُوعَهُ ... سَتُقْصِرُ فِي يَوْمَيْنِ عَنِّي وَعَنْ ذِكْرِي
عَفَا اللَّهُ عَنِّي يَوْمَ أُصْبِحُ ثَاوِيًا ... أُزَارُ فَلا أَدْرِي، وَأُجْفَى فَلا أَدْرِي

اسم الکتاب : مثير الغرام الساكن إلى أشرف الأماكن - ط دار الحديث المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 502
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست