responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مثير الغرام الساكن إلى أشرف الأماكن - ط دار الحديث المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 410
صُرَّةٌ فِيهَا ثَلاثُونَ دِينَارًا لا تَزِيدُ وَلا تَنْقُصُ.
قَالَ: فَدَفَعْتُهَا إِلَى الرَّجُلِ، وَأَخَذْتُ الْحِمَارَ، وَجِئْتُ بِهِ.
فَقَالَ لِي: ارْكَبْ.
فَقُلْتُ: أَنْتَ أَضْعَفُ مِنِّي، فَرَكِبَ، وَكُنْتُ أَمْشِي مَعَ حِمَارِهِ، فَحَيْثُ أَدْرَكَهُ اللَّيْلُ أَقَامَ، فَإِنَّمَا هُوَ رَاكِعٌ وَسَاجِدٌ، حَتَّى أَتَيْنَا عُسْفَانَ، فَلَقِيَهُ شَيْخٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ جَعَلا يَبْكِيَانِ، فَلَمَّا أَرَادَا أَنْ يَفْتَرِقَا، قَالَ صَاحِبِي لِلشَّيْخِ: أَوْصِنِي.
قَالَ: نَعَمْ، أَلْزِمِ التَّقْوَى قَلْبَكَ، وَانْصُبْ ذِكْرَ الْمَعَادِ أَمَامَكَ.
قَالَ: زِدْنِي.
قَالَ: نَعَمْ، اسْتَقْبِلِ الآخِرَةَ بِالْحُسْنَى مِنْ عَمَلِكَ، وَبَاشِرْ عَوَارِضَ الدُّنْيَا بِالزُّهْدِ مِنْ قَلْبِكَ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأَكْيَاسَ هُمُ الَّذِينَ عَرَفُوا عَيْبَ الدُّنْيَا حَينَ عَمِيَ عَلَى أَهْلِيهَا، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، ثُمَّ افْتَرَقَا.
فَقُلْتُ لِصَاحِبِي: مَنْ هَذَا الشَّيْخُ؟ فَقَالَ: عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِ اللَّهِ.
فَخَرَجْنَا مِنْ عُسْفَانَ حَتَّى أَتَيْنَا مَكَّةَ، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى الأَبْطَحِ، نَزَلَ عَنْ حِمَارِهِ، وَقَالَ لِي: اثْبُتْ مَكَانَكَ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ نَظْرَةً ثُمَّ أَعُودُ إِلَيْكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
فَانْطَلَقَ، وَعَرَضَ لِي رَجُلٌ، فَقَالَ لِي: تَبِيعُ الْحِمَارَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: بِكَمْ؟ قُلْتُ: بِثَلاثِينَ دِينَارًا.
قَالَ: قَدْ أَخَذْتُهُ مِنْكَ.
قُلْتُ: يَا هَذَا، وَاللَّهِ مَا هُوَ لِي، لِي، وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَإِنِّي لأَكُلِّمُهُ إِذْ طَلَعَ الشَّيْخُ، فَقُلْتُ: إِنِّي قَدْ بِعْتُ الْحِمَارَ بِثَلاثِينَ دِينَارًا قَالَ: أَمَا إِنَّكَ لَوْ كُنْتَ اسْتَزَدْتَهُ لَزَادَكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَأَمَّا إِذْ بِعْتَ فَأَجِزْ.
فَأَخَذْتُ مِنَ الرَّجُلِ ثَلاثِينَ دِينَارًا، وَدَفَعْتُ الْحِمَارَ إِلَيْهِ، وَجِئْتُ بِالدَّنَانِيرِ، فَقُلْتُ: مَا أَصْنَعُ بِهَا؟ فَقَالَ: هِيَ لَكَ، فَأَنْفِقْهَا.
قُلْتُ: لا حَاجَةَ لِي بِهَا.
قَالَ: فَأَلْقِهَا فَي الْجِرَابِ، فَأَلْقَيْتُهَا، فَنَزَلْنَا بِالأَبْطَحِ، فَقَالَ: ابْغِنِي دَاوَةً وَقِرْطَاسًا، فَأَتَيْتُهُ بِذَلِكَ، فَكَتَبَ كِتَابَيْنِ، ثُمَّ شَدَّهُمَا، فَدَفَعَ أَحَدَهُمَا إِلَيَّ، فَقَالَ: انْطَلِقْ بِهِ إِلَى عَبَّادِ بْنِ عَبَّادٍ وَهُوَ نَازِلٌ فِي مَوْضِعِ كَذَا، فَادْفَعْهُ إِلَيْهِ،

اسم الکتاب : مثير الغرام الساكن إلى أشرف الأماكن - ط دار الحديث المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 410
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست