responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مثير الغرام الساكن إلى أشرف الأماكن - ط دار الحديث المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 295
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الصُّوفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْحِيرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَاكَوَيْهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْعَطَّارُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي جَعْفَرٌ الْخُلْدِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ، يَقُولُ: حَجَجْتُ عَلَى الْوِحْدَةِ، فَجَاوَرْتُ بِمَكَّةَ، فَكُنْتُ إِذَا جَنَّ اللَّيْلُ دَخَلْتُ الطَّوَافَ، فَإِذَا بِجَارِيَةٍ تَطُوفُ وَتَقُولُ:
أَبَى الْحُبُّ أَنْ يَخْفَى وَكَمْ قَدْ كَتَمْتُهُ ... فَأَصْبَحَ عِنْدِي قَدْ أَنَاخَ وَطَنَّبَا
إِذَا اشْتَدَّ شَوْقِي هَامَ قَلْبِي بِذِكْرِهِ ... وَإِنْ رُمْتُ قُرْبًا مِنْ حَبِيبِي تَقَرَّبَا
وَيَبْدُو فَأَفْنَى ثُمَّ أَحْيَا بِهِ لَهُ ... وَيُسْعِدُنِي حَتَّى أَلَذَّ وَأَطْرَبَا
قَالَ: فَقُلْتُ لَهَا: يَا جَارِيَةُ، أَمَا تَتَّقِينَ اللَّهَ تَعَالَى، فِي مِثْلِ هَذَا الْمَكَانِ تَتَكَلَّمِينَ بِمِثْلِ هَذَا الْكَلامِ.
فَالْتَفَتَتْ إِلَيَّ، وَقَالَتْ: يَا جُنَيْدُ:
لَوْلا التُّقَى لَمْ تَرَنِي ... أَهْجُرُ طِيبَ الْوَسَنِ
إِنَّ التُّقَى شَرَّدَنِي ... كَمَا تَرَى عَنْ وَطَنِي
أَفِرُّ مِنْ وَجْدِي بِهِ ... فَحُبُّهُ تَيَّمَنِي
ثُمَّ قَالَتْ: يَا جُنَيْدُ، تَطُوفُ بِالْبَيْتِ أَمْ بِرَبِّ الْبَيْتِ؟ فَقُلْتُ: أَطُوفُ بِالْبَيْتِ.
فَرَفَعَتْ رَأْسَهَا إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَتْ: سُبْحَانَكَ سُبْحَانَكَ مَا أَعْظَمَ مَشِيئَتَكَ فِي خَلْقِكَ، خَلْقٌ كَالأَحْجَارِ يَطُوفُونَ بِالأَحْجَارِ، ثُمَّ أَنْشَأَتْ تَقُولُ:
إِلَيْكَ قَصْدِي لا لِلْبَيْتِ وَالأَثَرِ ... إِلَيْكَ وَهُمْ أَقْسَى قُلُوبًا مِنَ الصَّخْرِ
وَتَاهُوا فَلَمْ يَدْرُوا مِنَ التِّيهِ مَنْ هُمُ ... وَحَلُّوا مَحَلَّ الْقُرْبِ فِي بَاطِنِ الْفِكْرِ
فَلَوْ أَخْلَصُوا فِي الْوُدِّ غَابَتْ صِفَاتُهُمُ ... وَقَامَتْ صِفَاتُ الْوُدِّ لِلْحَقِّ بِالذِّكْرِ
قَالَ الْجُنَيْدُ: فَغُشِّيَ عَلَيَّ مِنْ قَوْلِهَا، فَلَمَّا أَفَقْتُ لَمْ أَرَهَا.
وَأَنْشَدُوا لأَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الشِّيرَازِيِّ:
إليك قصدي لا لِلْبَيْتِ وَالأَثَرِ ... وَلا طَوَافِي بِأَرْكَانٍ وَلا حَجَرِ
صَفَّى دَمْعِي الصَّفَا لِي حِينَ أَعْبُرُهُ ... وَزْمَزِمِي دَمْعَةٌ تَجْرِي مِنَ الْبَصَرِ

اسم الکتاب : مثير الغرام الساكن إلى أشرف الأماكن - ط دار الحديث المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 295
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست