responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صفة جزيرة الأندلس المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم    الجزء : 1  صفحة : 82
في المدة القريبة وقامت فيها الأسواق، وكثرت فيها الأرزاق؛ وتنافس الناس في النزول بأكنافها، والحلول بأطرافها؛ للدنو من صاحب الدولة، وتناهى الغلو في البناء حوله؛ حتى اتصلت أرباضها بأرباض قرطبة، وكان الفراغ منها في سنة 370.
وفي هذه السنة نزل فيها بخاصته، وعامته؛ وخلع الخليفة إلا من الاسم الخلافي، وصير ذلك هو الرسم العافي؛ ورتب فيها جلوس وزرائه، ورؤوس أمرائه؛ وكبت إلى الأقطار بالأندلس والعدوة في أن تحمل إلى مدينته تلك الأموال الجبايات، ويقصدها أصحاب الولايات؛ فحشد إليها الناس من جميع الأقطار، وحجر على خليفته كل تدبير؛ واتفق له ذلك بسرعة بطشه، وأقام الخليفة منذ نقل عنه الملك إلى قصر الزاهرة مهجور الفنا، محجور الغنا؛ خفى الذكر، مسدود الباب، محجوب الشخص، لا يخاف منه بأس ولا يرجى منه إنعام، وليس له إلا الرسم السلطاني في السكة والدعوة والاسم الخلافي، وأزال أطماع الناس منه، وصيرهم لا يعرفونه، واشتد ملكه منذ نزل قصر الزاهرة؛ وتوسع مع الأيام في تشييد أبنيتها، وتنجيد أفنيتها؛ حتى كملت أحسن كمال، وجاءت في نهاية الحسن والجمال؛ ومازالت هذه المدينة رائقةً متناسقة السعود، تراوحها الفتوح وتغاديها، لا توجه منها راية إلا إلى فتح، ولا يصدر عنها تدبير إلا إلا بنجح؛ إلى أن حان يومها العصيب، وقيض لها من المكروه أوفر نصيب؛ فتولت فقيده، وخلت من بهجتها كل عقيده.

اسم الکتاب : صفة جزيرة الأندلس المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم    الجزء : 1  صفحة : 82
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست