بحر من الأحزان عب عبابه ... وارتج ما بين الحشا زخاره
في كل قلبٍ منه وجد عنده ... أسف طويل ليس تخبو ناره
أما بلنسية فمثوى كافرٍ ... حفت به في عقرها كفاره
زرع من المكروه حل حصاده ... عند الغدو غداة لج حصاره
وعزيمة للشرك جعجع بالهدى ... أنصارها إذ خانه أنصاره
قل كيف تثبت بعد تمزيق العدا ... آثاره أم كيف يدرك ثاره
ما كان ذاك المصر إلا جنة ... للحسن تجرى تحته أنهاره
طابت بطيب بهاره آصاله ... وتعطرت بنسيمه أشجاره
أما السرار فقد غداه وهل سوى ... قمر السماء يزول عنه سراره
قد كان يشرق بالهداية ليله ... والآن أظلم بالضلال نهاره
ودجا به ليل الخطوب بصبحه ... أعيا على أبصارنا إسفاره
ومما صدر عن الكاتب أبي عبد الله محمد بن الأبار في ذلك من رسالةٍ: وأما الأوطان المحبب عهدها بحكم الشباب، المشبب فيها بمحاسن الأحباب: فقد ودعنا معاهدها وداع الأبد، وأخنى عليه الذي أخنى على لبد؛ أسلمها الإسلام، وانتظمها الانتثار والاصطلام؛ حين وقعت أنسرها الطائره، وطلعت أنحسها الغائرة؛ فغلب على الجذل الحزن، وذهب مع المسكن السكن: بسيط
كزعزع الريح صك الدوح عاصفها ... فلم يدع من جنى فيها ولا غصن
واهاً وواهاً يموت الصبر بينهما ... موت المحامد بين البخل والجبن
أين بلنسية ومغانيها، وأغاريد ورقها وأغانيها؛ أين حلى رصافتها وجسرها،