اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير الجزء : 1 صفحة : 55
لا إسلام إلا في الغرب
وليتحقق المتحقق ويعتقد الصحيح الاعتقاد إنه لا إسلام إلا ببلاد المغرب لأنهم على جادة واضحة لابنيات[4] لها. وما سوى ذلك مما بهذه [4] الجادة: معظم الطريق ووسطه. بنياتها: الطرق الصغيرة المتفرعة منها.
والذي جعل له صلاح الدين بدلا من مكس الحاج ألفا دينار اثنان وألفا إردب من القمح وهو نحو الثمانمائة قفيز بالكيل الإشبيلي عند نا حاشى اقطاعات اقطعها بصعيد مصر وبجهة اليمن لهم بهذا الرسم المذكور ولولا مغيب هذا السلطان العادل صلاح الدين بجهة الشام في حروب له هناك مع الإفرنج لما صدر عن هذا الأمير المذكور ما صدر في جهة الحاج. فاحق بلادالله بأن يطهرها السيف ويغسل أرجاسها وأدناسها بالدماء المسفوكة في سبيل الله هذه البلاد الحجازية لما هم عليه من حل عرى الإسلام واستحلال أموال الحاج ودمائهم.
فمن يعتقد من فقهاء أهل الأندلس اسقاط هذه الفريضة عنهم فاعتقاده صحيح لهذا السبب وبما يصنع بالحاج مما لا يرتضيه الله عز وجل. فراكب هذا السبيل راكب خطر ومعتسف غرر[1]. والله قد أوجد الرخصة فيه على غير هذه الحال فكيف وبيت الله الآن بأيدي أقوام قد اتخذوه معيشة حرام وجعلوه سببا إلى استلاب الأموال واستحقاقها من غير حل ومصادرة الحجاج عليها وضرب الذلة والمسكنة الدنية عليهم تلافاها الله عن قريب بتطيهر يرفع هذه البدع المجحفة عن المسلمين بسيوف الموحدين[2] أنصار الدين وحزب الله أولي الحق والصدق والذابين عن حرم الله عز وجل والغائرون[3] على محارمه والجادين في اعلاء كلمته واظهار دعوته ونصر ملته إنه على ما يشاء قدير وهو نعم المولى ونعم النصير. [1] الغرر: الهلاك. [2] الموحدون: هم أصحاب الدولة التي سادت المغرب والأندلس بين القرنين السادس والسابع للهجرة. [3] الغائرون: ذو الغيرة.
اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير الجزء : 1 صفحة : 55