responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير    الجزء : 1  صفحة : 313
قدير. وهذا الخبر القسطنطيني حققه الله من أعظم عجائب الدنيا وكوائنها المرتقبة ولله القدرة البالغة في أحكامه وأقداره.

شهر ذي القعدة عرفنا الله يمنه وبركته
استهل هلاله ليلة الإثنين الرابع من شهر فبراير ونحن بمدينة أطرابنش المتقدم ذكرها منتظرين انسلاخ فصل الشتاء واقلاع المركب الجنوي الذي أملنا ركبوه إلى الأندلس إن شاء الله عز وجل والله سبحانه بيمن مقصدنا وييسر مرامنا بمنه وكرمه.
وفي مدة مقامنا بهذه البلدة تعرفنا ما يؤلم النفوس تعرفه من سوء حال أهل هذه الجزيرة مع عبادالصليب بها دمرهم الله وماهم عليه معهم من الذل والمسكنة والمقام تحت عهدة الذمة وغلظة الملك إلى طوارىء دواعي الفتنة في الدين على من كتب الله عليه الشقاء من أبنائهم ونسائهم. وربما تسبب إلى بعض أشايخهم أسباب نكالية تدعوه إلى فراق دينه فمنها قصة اتفقت في هذه السنين القريبة لبعض فقهاء مدينتهم التي هي حضرة ملكهم الطاغية ويعرف بابن زرعة ضغطته العمال بالمطالبة حتى أظهر فراق دين الإسلام والانغماس في دين النصرانية ومهر في حفظ الانجيل ومطالعة سير الروم وحفظ قوانين شريعتهم فعاد في جملة القسيسين الذين يستفتون في الاحكام النصرانية وربما طرا حكم إسلامي فيستفتى أيضا فيه لما سبق من معرفته بالاحكام الشرعية ويقع الوقوف عند فتياه في كلا الحكمين، وكان له مسجد بإزاء داره اعاده كنيسة نعوذ بالله من عواقب الشقاوة وخواتم الضلالة ومع ذلك فأعلمنا أنه يكتم إيمانه فلعله داخل تحت الاسثناء في قوله: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ[1]} .

[1] سورة النحل، الآية 106.
اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير    الجزء : 1  صفحة : 313
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست