اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير الجزء : 1 صفحة : 301
مرتفعة: على مقربة من بر الجزيرة اثنتان منها تخرج منهما النار دائما وأبصرنا الدخان صاعدا منهما ويظهر بالليل نارا حمراء ذات السن تصعد في الجو وهو البركان المشهور خبر وأعلمنا أن خروجها من منافس في الجبلين المذكورين يصعد منها نفس ناري[1] بقوة شديدة تكون عنه النار وربما قذف فيها الحجر الكبير فتلقي به في الساعة إلى الهواء لقوة ذلك النفس وتمنعه من الاستقرار والانتهاء إلى القعر[2] وهذا من أعجب المسموعات الصحيحة.
وأما الجبل الشامخ[3] الذي بالجزيرة المعروف بجبل النار فشإنه أيضا عجيب وذلك أن نارا تخرج منه في بعض لسنين كالسيل العرم فلا تمر بشيء إلا أحرقته حتى تنتهي إلى البحر فتركب ثبجه على صفحه حتى تغوص فيه فسبحان المبجع في عجائب مخلوقاته إلا إله سواه. إلى أن حللنا عشي يوم الأربعاء بعد يوم الثلاثاء المؤرخ مرسى مدينة شفلودى وبينها وبين مسينة مجرى ونصف مجرى. [1] نفس ناري: هو الغاز المستعمل اليوم للاستصباح. وهو في البراكين كثير لاختلاط الهيدروجين بالكربون. [2] أي أن قوة النفس الناري ترمي بالحجارة وتمنعها أن تستقر في محلها وأن تغوص إلى قعر البركان. [3] الجبل الشامخ: بركان إتنا. ذكر مدينة شفلودي من جزيرة صقلية أعادها الله
هي مدينة ساحلية كثيرة الخصب واسعة المرافق منتظمة أشجار الأعناب وغيرها مرتبة الأسواق تسكنها طائفة منها المسلمين وعليها قنة جبل واسعة مستديرة، فيها قلعة لم ير امنع منها اتخذوها عدة لاسطول يفجوؤهم من جهة البحر من جهة المسلمين نصرهم الله. وكان إقلاعنا منها نصف الليل فجئنا مدينة ثرمة ضحوة يوم الخميس بسير رويد وبين المدينتين خمسة
اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير الجزء : 1 صفحة : 301