responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير    الجزء : 1  صفحة : 288
ثورة الريح الشمالية
وفي يوم السبت العاشر لشبعان المذكور والسابع عشر لنونبر انقطع عنا بر الجزيرة المذكورة ونحن نجري بريح شمالية موافقة فذئرت[1] وعصفت فطار لها المركب بجناحي شراعه والبحر بها قد جن واشترى لجاجه وقذفت بالزبد امواجه فتخال غواربه المتموجة جبالا مثلجة ومع تلك استشعرت النفوس الأنس وغلب رجاؤها اليأس، وقد كنا مدة الستة وعشرين يوما المذكورة التي لم يظهر لنا فيها بر برجم الظنون ونغازل المنون حذرا من نفاد الزاد والماء والحصول بين المهلكين الجوع والظماء فمن قائل يقول: إنا قد ملنا في جرينا إلى بر الغرب وهو بر إفريقية وآخر يزعم: أنا قد ملنا إلى بر الأرض الكبيرة بر القسطنيطينة وما يليها ومنهم من يقول: إلى اللاذقية جهة الشام ومنهم من يقول: إلى دمياط بر الإسكندرية. وكنا نحذر أن تلجئنا الريح إلى أحد جزائر الرمانية الخالية فنشتو فيها أو تضطرنا الحال إلى المعمور منها وليس في هذه الوجوه المتوقعة كلها وجه فيه حظ لمختار حتى أتى الله بالفرج وأذهب الباس والياس ومكن في النفوس الإيناس بعد مكابدة الأمرين ومقاساة البرحين فلله در القائل:
البحر مر المذاق صعب
...
لا جعلت حاجتي إليه
اليس ماء ونحن طين
...
فما عسى صبرنا عليه
ونحن الآن بفضل الله تعالى نتطلع البشري بظهور بر صقلية إن شاء الله.

[1] ذئرت: غضبت، يريد هاجت.
اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير    الجزء : 1  صفحة : 288
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست