اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير الجزء : 1 صفحة : 276
عندهم راجع إلى الضمان وضمان هذا الديوان بمال عظيم. فأنزل التجار رحالهم به ونزلوا في أعلاه وطلب رحل من لا سلعة له لئلا يحتوى على سلعة مخبوءة فيه واطلق سبيله فنزل حيث شاء وكل ذلك برفق وتؤدة دون تعنيف ولا حمل فنزلنا بها في بيت اكتريناه من نصرانية بإزاء البحر وسالنا الله تعالى حسن الخلاص وتيسير السلامة.
ذكر مدينة عكة دمرها الله وأعادها
هي قاعدة مدن الإفرنج بالشام ومحط الجواري المنشآت في البحر كالأعلام[1] مرقأ كل سفينة والمشبهة في عظمها بالقسطنطينة مجتمع السفن والرفاق ومتلقى تجار المسلمين والنصارى من جميع الافاق سككها وشوراعها تغص بالزحام وتضيق فيها مواطئ الأقدام تستعر كفرا وطغيانا وتفور خنازير وصلبانا زفرة قذرة مملوءة كلها رجسا وعذرة. انتزعها الإفرنج من أيدي المسلمين في العشر الأول من المائة السادسة فبكى لها الإسلام ملء جفوته كانت أحد شجونه فعادت مساجدها كنائس وصوامعها مضارب للنواقس وطهر الله من مسجدها الجامع بقعة بقيت بأيدي المسلمين مسجدا صغيرا يجتمع الغرباء منهم فيه لاقامة فريضة الصلاة وعند محرابه قبر صالح النبي صلى الله عليه وسلم وعلى جميع الأنبياء فحرس الله هذه البقعة من رجس الكفرة ببركة هذا القبر المقدس.
وفي شرقي البلدة العين المعروفة بعين البقر وهي التي أخرج الله منها البقر لادم صلى الله عليه وسلم والمهبط لهذه العين على ادراج وطية وعليها مسجد بقي محرابه على حاله ووضع الإفرنج في شرقيه محرابا لهم فالمسلم [1] انظر سورة الرحمن، الآية 24.
اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير الجزء : 1 صفحة : 276