اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير الجزء : 1 صفحة : 273
بدمشق يوم السبت بعدنا الأقرب ليوم انفصالنا وأعملنا إنه يجم عسكره قليلا ويعود إلى الحصن المذكور فالله يعينه ويفتح عليه بعزته وقدرته. وخرجنا نحن إلى بلاد الفرنج وسبيهم يدخل بلاد المسلمين وناهيك من هذا الاعتدال في السياسة فكان مبيتنا ليلة الجمعة بدارية وهي قرية من دمشق على مقدار فرسخ ونصف ثم رحلنا منها سحر يوم الجمعة بعده إلى قربة تعرف ببيت جن هي بين جبال، ثم رحلنا منها صبيحة يوم السبت إلى مدينة بانياس واعترضنا في نصف الطريق شجرة بلوط عظيمة الجرم متسعة التدويح[1] أعلمنا أنها تعرف بشجرة الميزان فسألنا عن ذلك فقيل لنا هي حد بين الأمن والخوف في هذه الطريق لحرامية[2] الإفرنج وهم الحواسة[3] والقطاع من أخذوه وراءها إلى جهة بلاد المسلمين ولو بباع أو شبر أسر ومن أخذ دونها إلى جهة بلاد الإفرنج بقدر ذلك أطلق سبيله لهم في ذلك عهد يوفون به وهومن أظرف الاتباطات الإفرنج ية وأرغبها. [1] التدويح: مأخوذ من الدوحة، الشجرة العظيمة المتسة. [2] الحرامية: اللصوص، وهي لفظة عامية. [3] الحواسة: لعله استعملها جمعا لحؤوس وهو الشجاع الكثير القتل.
ذكر مدينة بانياس حماها الله تعالى
هذه المدينة ثغر بلاد المسلمين وهي صغيرة ولها قلعة يستدير بها تحت السور نهر ويفضى إلى أحد أبواب المدينة وله مصب تحت إرجاء وكانت بيد الإفرنج فاسترجعها نور الدين رحمه الله. ولها محرث واسع في بطحاء متصلة يشرف عليها حصن للافرنج يسمى هونين بينه وبين بانياس مقدار ثلاثة فراسخ وعمالة تلك البطحاء بين الإفرنج وبين المسلمين لهم في ذلك حد يعرف بحد المقاسمة فهم يتشاطرون الغلة على استواء ومواشيهم مختلطة ولا
اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير الجزء : 1 صفحة : 273