responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير    الجزء : 1  صفحة : 197
الدر فإما نظمه فرضى الطباع مهياري[1] الانطباع وأما نثره فيصدع بسعر البيان ويعطل المثل بقس وسحبان.
ومن أبهر آياته واكبر معجزاته إنه يصعد المنبر ويبثدئ القراء بالقراءة وعددهم نيف على العشرين قارئا فينتزع الاثنان منهم أو الثلاثة آية ن القرآن يتلونها على نسق يتطريب وتشويق فإاذ فرغوا تلت طائفة أخرى على عددهم آية ثانية ولا يزالون يتناوبون آيات من سور مختلفات إلى أن يتكاملوا قراءة وقد أتوا بآيات مشتبهات لا يكاد المتقد الخاطر يحصلها عدد أو يسميها نسقا. فإذا فرغوا أخذ هذا الإمام الغريب الشان في إيراد خطبته عجلا مبتدرا وأفرغ في أصداف الأسماع من الفاظه دررا وانتظم أوائل الآيات المقروءات في أثناء خطبته فقرا وأتى بها على نسق القراءة لها لا مقدما ولا مؤخرا ثم أكمل الخطبة على قافية آخر آية منها فلو أن أبدع من في مجلسه تكلف تسمية ما قرا القراء به آية آية على الترتيب لعجز عن ذلك فكيف بمن ينتظمها مرتجلا ويورد الخطبة الغراء بها عجلا! {أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أنتم لا تُبْصِرُونَ[2]} ، {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ[3]} فحدث ولا حرج عن البحر وهيهات ليس الخبر عنه كالخبر!
ثم إنه أتى بعد أن فرغ من خطبته برقائق من الوعظ وآيات بينات من الذكر طارت لها القلوب اشتياقا وذابت بها الأنفس احتراقا إلى أن علا الضجيج وتردد بشهقاته النشيج وأعلن التائبون بالصياح،
وتساقطوا عليه تساقط الفراش على المصباح كل يلقى ناصيته بيده فيجزها ويمسح على رأسه داعيا له ومنهم من يغشى عليه فيرفع في الأذرع إليه فشاهدنا

[1] رضي الطباع: شبيه في طبعه بالشريف الرضي الشاعر المشهور. مهياري: شبيه بمهيار الديلمي الشاعر أيضا.
[2] سورة الطور، الآية 15.
[3] سورة النمل، الآية 16.
اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير    الجزء : 1  صفحة : 197
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست