اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير الجزء : 1 صفحة : 19
ذكر مصر والقاهرة وبعض آثارها العجيبة
فأول ما بندأ بذكره منها الآثار والمشاهد المباركة التي ببركتها يمسكها الله عز وجل:
فمن ذلك المشهدالعظيم الشأن الذي بمدينة القاهرة حيث رأس الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما وهو في تابوت فضة مدفون تحت الأرض قد بنى عليه بنيان حفيل يقصر الوصف عنه ولا يحيط الادراك به مجلل بأنواع الديباج محفوف بأمثال العمد الكبار شمعا أبيض ومنه ما هو دون ذلك قد وضع أثكرها في أتوار[1] فضة خالصة ومنها مذهبة وعلقت عليه قناديل فضة وحف أعلاه كله بأمثال التفافيح ذهبا في مصنع[2] شبيه الروضة يقيد الأبصار حسنا وجمالا فيه من أنواع الرخام المجزع الغريب الصنعة البديع الترصيع ما لايتخليله المتخيلون ولا يلحق ادنى وصفه الواصفون.
والمدخل إلى هذه الروضة على مسجد على مثالها في التأنق والغرابة حيطانه كلها رخام على الصفة المذكورة وعن يمين الروضة المذكورة وشمالها بيتان من كليهما المدخل إليها وهما أيضا على تلك الصفة بعينها. والأستار البديعة الصنعة من الديباج معلقة على الجميع. [1] أتوار: الواحد تور: الشمعدان. [2] المصنع: المبنى قصرا كان أو حصنا.
وفي يوم الأربعاء المذكور أجزنا القسم الثاني من النيل في مركب تعدية أيضا بموضوع يعرف بدجوة وذلك وقت الغداة الصغرى وكان نزولنا في مصر بفندق أبي الثناء في زقاق القناديل بمقربة من جامع عمرو بن العاص رضى الله عنه في حجرة كبيرة على باب الفندق المذكور.
اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير الجزء : 1 صفحة : 19