اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير الجزء : 1 صفحة : 161
المذكور أقلعت المحلة على تؤدة ورفق بسبب البطء والتأخر ونزلت على نحو ثمانية اميال من الموضع الذي أقلعت منه بمقربة من بطن مر والله كفيل بالسلامة والعصمة بمنه.
فكانت تمدة مقامنا بمكة قدسها الله من يوم وصولنا إليها وهو يوم الخميس الثالث عشر لربيع الآخر من سنة تسع وسبعين إلى يوم اقلاعنا من الزاهر وهو يوم الخيمس الثاني والعشرين لذي الحجة من السنة المذكورة ثمانية أشهر وثلث شهر التي هي بحسب الزائد والناقص من الأشهر مائتا يوم اثنتان وخمسة وأربعون يوما سعيدات مباركات جعلها الله لذاته وجعل القبول لها موفقا لموضاته بمنه غبنا عن رؤية البيت الكريم فيها ثلاثة أيام: يوم عرفة، وثاني يوم النحر ويوم الأربعاء الذي هو الحادي والعشرون لذي الحجة قبل يوم الخميس يوم إقلاعنا من الزاهر والله لا يجعله آخر العهد بحرمه الكريم بمنه.
ثم أقلعنا من ذلك الموضع إثر صلاة الظهر من يوم الخميس إلى بطن مر وهو واد خصيب كثير النخل ذو عين فوارة سيالة الماء تسقى منها أرض تلك الناحية وعلى هذا الوادي قطر متسع وقرى كثيرة وعيون ومنه تجلب الفواكه إلى مكة حرسها الله فأقمنا به يوم الجمعة لسبب عجيب وذلك أن الملكة خاتون بنت الأمير مسعودملك الدروب والأرمن وما يلي بلاد الروم وهي إحدى الخواتين الثلاث اللاتي وصلن للحج مع أمير الحاج أبي المكارم طاشتكين مولى أمير المؤمنين الموجه كل عام من قبل الخليفة وله بتولي هذه الخطة نحو الثمانية أعوام أو أزيد وخاتون هذه أعظم الخواتين قدرا سبب سعة مملكة أبيها والمقصود من ذكر أمرها أنها أسرت من بطن مر ليلة الجمعة إلى مكة في خاصة من خدمها وحشمها فتفقد موضعها يوم الجمعة المذكور فوجه الأمير ثقات من خاصة أصحابه يستطلعونها في الانصراف وأقام بالناس منتظرا لها فوصلت عتمة يوم السبت.
اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير الجزء : 1 صفحة : 161