responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير    الجزء : 1  صفحة : 116
غسيل البيت بماء زمزم
وفي اليوم الثاني منه بكر الشيبوين إلى غسله بماء زمزم المبارك بسبب أن كثيرا من النساء ادخلن ابناءهن الصغار والرضع معهن فيتحرى غسله تكريما وتنزيها وازالة لما يحيك في النفوس من هواجس الظنون فيمن ليست له ملكة عقلية تمنعه من أن تصدر عنه حادثة نجس في ذلك الموطن الكريم والمحل المخصوص بالتقديس والتعظيم، فعند انسياب الماء عنه كان كثير من الرجال والنساء يبادرون إليه تبركا بغسل اوجههم وأيديهم فيه وربما جمعوا منه في أوان قد اعدوها لذلك ولم يراعوا العلة التي غسل لها وكان منهم من توقف عن ذلك وربما لحظ الحال لحظة من لا يستجيزها ولا يصوب

حول البيت المبارك أحد من الرجال وتبادر النساء إلى الصعود حتى كاد الشيبيون لا يخلصون بينهن عند هبوطهم من البيت الكريم وتسلسل النساء بعضهن ببعض وتشابكن حتى تواقعن فمن صائحة ومعولة ومكبرة ومهللة وظهر من تزاحمهن ما ظهر من السرو إليمنيين مدة مقامهم بمكة وصعودهم يوم فتح البيت المقدس وأشبهت الحال الحال وتمادين على ذلك صدرا من النهار وانفسحن في الطواف والحجر وتشفين من تقبيل الحجر واستلام الأركان وكان ذلك اليوم عند هن الأكبر ويومهن الأزهر الأشهر نفعهن الله به وجعله خالصا لكريم وجهه. وبالجملة فهن مع الرجال مسكينات مغبونات يرين البيت الكريم ولا يجلنه ويلحظن الحجر المبارك ولا يستملنه فحظهن من ذلك كله النظر والأسف المستطير المستشعر فليس لهن سوى الطواف على البعد وهذا اليوم الذي هو من عامالى عام فهن يرتقبنه ارتقاب أشرف الأعياد ويكثرن له من التأهب والاستعداد والله ينفعهن في ذلك بحسن النية والاعتقاد بمنه وكرمه.

اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير    الجزء : 1  صفحة : 116
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست