responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير    الجزء : 1  صفحة : 107
يستهدى ذكره غرابة وعجبا شاهدنا من ذلك أمرا يعجز الوصف عنه والمقصود منه الليلة التي يستهل فيها الهلال مع صبيحتها ويقع الاستعداد لها من قبل ذلك بأيام فأبصرنا من ذلك ما نصف بعضه على جهة الاختصار وذلك لانا عاينا شوارع مكة وازقتها من عصر يوم الأربعاء وهي العشية التي ارتقب فيها الهلال قد امتلأت هوادح مشدودة على الإبل مكسوة بأنواع كساء الحرير وغيرها من ثياب الكتان الرفيعة بحسب سعة أحوال اربابها ووفرهم[1] كل يتأنق ويحتفل بقدر استطاعته فأخذوا في الخروج إلى التنعيم ميقات المعتمرين فسالت تلك الهوادج في أباطح مكة وشعابها والإبل قد زينت تحتها بأنواع التزيين وأشعرت[2] بغير هدى بقلائد رائقة المنظر من الحرير وغيره وربما فاضت الاستار التي على الهوادج حتى تسحب اذيالها على الأرض.
ومن أغرب ما شاهدنا من ذلك هودج الشريفة جمانة بنت فليته عمة الأمير مكثر فان اذيال ستره كانت تسحب على الأرض انسحابا وغيره من هوادج حرم الأمير وحرم قواده إلى غير ذلك من هوادج لم نستطع تقييد عدتها عجزا عن الإحصاء فكانت تلوح على ظهور الإبل كالقباب المضوربة فيخيل للناظر إليها أنها محلة قد ضربت أبنيتها من كل لون رائق.
ولم يبق ليلة الخميس المذكور بمكة إلا من خرج للعمرة من أهلها ومن المجاورين وكنا في جملة من خرج ابتغاء بركة الليلة العظيمة فكدنا لاتتخلص إلى مسجد عائشة من الزحام وانسداد ثنيات الطريق بالهوادج والنيران ق اشعلت بحافتي الطريق كله والشمع يتقد بين أيدي الإبل التي عليها

[1] الوفر: السعة.
[2] أشعرت: أعلمت.
اسم الکتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت المؤلف : ابن جبير    الجزء : 1  صفحة : 107
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست