حدثني رجل من أهل الحجاز قال: إنما كان مأكول الفرس من أهل سيراف السمك الضرياك، ففي بعض الفصول يعدم فعند عدمه خرج غلامان لتاجرين ليشتريا ضيراكا، إذ أقبل الصيادون بضرباك فتزايد فيه الغلامان إلى أن بلغوا ألف درهم فاشتراه أحدهما. فلما دخل الغلام بالحوت على سيده استحسن منه ذلك وأعتقه وأعطاه ألف درهم يتعيش فيها. وأما ما كان من الغلام الآخر فان سيده من غيضه عليه أهانه غاية الإهانه كما أن غلام زيد غليه في الشطارة. حدثني أحمد بن سلطان المجيدي قال: إنما أخرب المنذرية علي بن المهدي سنة أربع وخمسمائة. ويقال إنّ بني مجيد بنوا البلاد وبقوا على ما هم علية إلى أن قحطت البلاد وجاعت العباد، ويقال إنهم افترقوا ذات اليمين وذات الشمال وبقيت خراب فجاءت الحجازيون فاستعاروا الأرض من بني مجيد. فوافق ذلك الموضع الحجازيين وقوت أيديهم عليها لمّا أخصبت البلاد فرجع بنو مجيد إلى بلادهم وأوطانهم فقاتلهم الحجازيون وأنكروهم وأخرجوهم من ديارهم من غير رضى فلما عجز بنو مجيد عن مكافاتهم تفرقوا ثلاث فرق فرقة سكنوا زيلع وفرقة سكنوا ظفار وفرقة سكنوا مقدشوه، وبقى شرذمة منهم في الجابية.
قال:
تفانى الرجال على حبها ... ولا يحصلون على طالِ
ولعبد آل عامر يقول:
ألا إنّ لي ديناً من أيام ذي اللوى ... وديناً من أيام الحسين وأكد
أسايل ذا ديني إضافة عند ذا ... وذا جاحد ديني كما ذاك جاحد
وأهلها صيادون حمارون وهم قوم ثقات أخبار رجال فحول مأكولهم السمك لا غير. وجميع عرب أهل هذه الأعمال الجبال مع التهائم إلى حدود الحجاز لا يقبل أحدهم حكم الشرع وإنما يرضون بحكم المنع، ولا شك إنّه حكم الجاهلية الذي كانوا يتحاكمون به عند الكهنة ويمامة الزرقاء، ويقال إنّ اليمامة قبل الإسلام. فإذا حكم الشيخ حكما في النع في أحد من العرب بضرب العنق لم يقدر على الهرب ولو أراد الهرب لمّا أمكن إلا أن يمد عنقه ويرضى بالقضاء. فإذا وفى بما علية نادى منادٍ في سائر العرب وفي كل جمع: ألا إنّ فلان بن فلان طاب بطيب العرب، فيرد علية كل من سمعه حاد الفتى. وكان يؤخذ في العارة من كل حمل نصف وربع من ضمان العشر وسنابيق الصيادين والقفول والواردة من عدن إلى زبيد والصيادين من زبيد إلى عدن ومراكب الزبالع القادمين من أرض الحبشة كل عام بألف ومائتي دينار. فأزيل جميع ما ذكرنا سنة عشرين وستمائة، وأعيد هذا السم سنة أربع وعشرين وستمائة وصعد الضمان ألف وسبع مائة دينار. ويقال إنّ أوّل من سعي في ضمان القرية عبد الله بن بكر الاحوري وبقي يحيى إلى يوم الدين. وللشريف الرضي يقول في مثل هذا:
من لم يكن عنصره طيب ... لم يخرج الطيب من فيه
كل امرئ يجعله فعله ... قد ينضح المرء بما فيه
من العارة إلى الحيلة راجعاً
على درب الكديحا. من العارة إلى عشر ثلاثة فراسخ، وهي قرية على ساحل البحر ويوجد فيها ما لم يوجد في موزع وبغير الملخاء وهو مرسى دفئ وما اشتق اسمها عند العرب مخا إلا إنّها لا تمضغ كما لا تمضغ المحال. وهي طريق الأصل وعليها كان المعول في مسير القوافل في سالف الدهر لأنه اقرب وابرد لهواء الساحل والبحر. وإلى الحليلة ثلاث فراسخ، ويعرف0000 وهو مجمع الطريقين. من العارة إلى المفاليس
من العارة إلى ترن ثلاثة فراسخ.
ذكر ترن