أوّل من سكن الساحل بقلهات الصيادين قوم ضعف يرزقون الله، فلما طال مقام القوم طاب لهم والتأم إليهم بمقامهم خلق يستأنسون بهم. فكثروا وزادوا إلى أن سكن في جملة الصيادين شيخ من مشايخ العرب واسمه مالك أبن فهم، وكان من حرصه على عمل البلد يقف على الساحل فأي مركب يراه يقلع في البحر ينادي لأصحابه: قل هات! أي: قل لهم في دخول البلد، يعني لأهل المركب، سمى البلد قلهات. وحدّثني أحمد بن علي بن عبد الله الواسطي قال: إنّما كانت تسمى في سالف الدهر هات قل. قالت: ولم سمي بهذا الاسم؟ قال: فلما هرب القوم من وقعة النهرين نزلوا بهذا الساحل وكانوا يقولون لخدامهم: هات! يعنون به الزاد وهو زاد صحبهم من العراق، فلما قل عليهم ذلك قال أحدهم لخادمه: هات! فرد عليه الغلام: قل، سمي البلد هات قل. فلما دار الدهر دار الاسم مع دوران الزمان قلهات. وعمر المكان بمقام الشيخ مالك بعد أن أدار عليه سورا من الحجر والجص سنة خمس عشرة وستمائة وعدل فيها. دخلتها المراكب من كل فج وخور وسائر الجهات من كل جهة، وصارت ذات عظم ومهابة.
فصل
وجد زيد عمرا يمشي إلى داره فقال: ما لك تمشي مقلوبا؟ قال: لانقلاب الزمان نوافقه على فعله. كما قال الشاعر:
كان في الغادين لي سكن ... فنأى فأغتاله الزمن
خلف الغادون أي حزنا ... ولبئس الصاحب الحزن
وهو عاى هذا الوضع والترتيب
ذكر جبل السعتري
جبل عن البلد مقدار فرسخ وطريقه ذات طول وعرض وسعة في ارتفاع وانحطاط وكل ما يطلع فيه السعتر من أوله إلى آخره، وعلى ذروة هذا الجبل نجر سفينة نوح عليه السلام. حدّثني عبد الغني بن أبي الفرج البغدادي قال: هو نجر حديد يصح مقدار بيت كبير وكان فيه إنّه لمّا أرسى السفينة على هذا الجبل لان ماء الطوفان كان قد علا على جميع ما خلقه الله تعالى مقدار سبعة عشر ذراعا أمري الأنجر، تعلق الأنجر في حجر من الجبل أبى أن يصعد معهم وغمر الريح قطعت السفينة الأحربة وبقى الأنجر والأحربة موضعه يزار. وهو موضع فاضل والله اعلم واحكم. ذكر الإباضية
أصل القوم من ولد الرجل الذي أقر لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه بالإلهية. وقال (لعلي عليه السلام: يا علي يهلك فيك طائفتان محب غالي ومبغض قالي. وأول من نسب الإلهية لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أبو الثديان فقال له علي بن أبي طالب: كف عن المقالة واشتغل عن البطالة فإني آكل واشرب وأنام وأنكح ومن يقسم فيه هذه الخصال حاشى أن يعبد لأن الإله عز اسمه وجل ثناؤه متعال منزه صفاته عن الذات واللذات فكيف عما ذكرناه في الأكل والنوم! فلما أنكف أبو الثديان عما كان علية من الاعتقاد شرع هذا المذهب بين القوم وخرج طائفة منهم سكنوا أعمال البطائح وهم على هذا الاعتقاد إلى الآن ويراها صفة أخرى.
من المنصورة إلى عدن راجعا.
من المنصورة إلى ريسوت ثلاثة فراسخ ويعبر عنه بجبل رأس الحمار 000 اخترعت وحينئذ خرج أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه فصافف القوم بالنهرين وكسرهم وركب عليهم السيف ولا زال يقتل فيهم إلى أن أفنى الجميع ورد البغلة إلى القنطرة فوقعت البغلة على نصف القنطرة. قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: انظروا من تحت القنطرة! فإذا هم بابي الثديين. فقال له أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: جاء الحق وزهق الباطل أسلم تسلم. فقال: كيف أسلم والبغلة تعلم علم الغيب إني تحت القنطرة؟ فحينئذ جرد علي بن أبي طالب رضي الله عنه السيف وضرب عنقه وهرب من سلم من القوم، ولا زال السيف يعمل فيهم ووراءهم من الغيب إلى أن عبرهم البحر فسكنوا بهذه الأعمال. فبدلت تلك المحبة بالبغضاء فهم من المحبين الغالي والمبغضين القالي وهم الهالكين ما بين المحبة والبغضة. كما قال:
الحب فيه مرارة وحلاوة والحب فيه شقاوة ونعيم
وقال آخر:
آه من لوعة التفرق آه ... ما أمر الهوى وما أحلاه
كتب الدمع فوق خدي سطرا ... رحم الله من دنا فقراه
ويسمون علي بن أبي طاب رضي الله عنه أبا تراب. ويقولون إنّه كان في الصغر مؤمن فلما كبر كفر. وينشدون في سماعاتهم: