اسم الکتاب : تاج المفرق في تحلية علماء المشرق المؤلف : البلوي، خالد الجزء : 1 صفحة : 51
أرجو لبانيه، أن يعطي أمانيه، وأن يفوز من الملك الجليل بالعطاء الجزيل والثناء الجميل والظل الظليل وحسبنا الله ونعم الوكيل، وهذا الطور المذكور جبل عظيم منه رفع عيسى عليه السلام إلى السماء فيما يذكر، وهو بشرقي هذا الحرم العظيم فيه تلعة مباركة في أعلاها مسجد شريف حافل مؤسس بالسواري الحسنة الضخمة والرخام الأبيض الصافي والحجر المنجور الجافي يقصده الناس تبركا ودونه بيسير قبة مباركة يفضي إليها أدراج تحتها تربة الصالحة الولية رابعة العدوية رحمها الله تعالى ودونها على بعد قبة كبيرة مختلفة فيها تربة مريم عليها السلام تفضي إليها أدراج هابطة إلى التربة الكريمة عددت فيها ثمانية وأربعين درجة وفي هذه المدينة الكريمة بقاع طاهرة عليها بركات ظاهرة وبها قبور الأنبياء صلوات الله عليهم وأثارهم نفع الله بالقصد والنية في زيارتها برحمته وما هذا الذي ذكرت في وصف تلك المشاهد الشريفة الذكر، والمساجد العظيمة القدر، والمعاهد الكريمة الفخر إلا كالنقطة الواقعة في البحر، والذرة الساقطة في القفر، والشرارة من الجمر، ولما لاحت نيرات هذه الأنوار، وفاحت نسيمات تلك الأسحار، وشاهدت أحد المساجد الثلاثة التي لا تشد إليها إلا الرحال وعاينت الحرم الشريف حقيقة قد أحلني لديه الترحال، اخترت مجاورته وأثرت ملازمته وقلت أين أذهب عن موطن مهبط الرحمة وموضع محشر الأمة، ومحل تفرج الكربة والغمة، حدثني الشيخ الفقيه القاضي شمس الدين عبد الله محمد بن سالم بن عبد الناصر الكنانى الغربي الشافعي قاضي مدينة بيت المقدس حرسها الله تعالى سماعا مني عليه بحرم المسجد الأقصى الشريف بقراءة شقيقه الشيخ الإمام الأوحد، علم الدين أبي الربيع سليمان وبقصد الرواية عنهما ومن أصلها نقلت، قالا حدثنا الشيخ الإمام المحدث علاء الدين أبو الحسن علي بن إبراهيم ابن داوود العطار رحمه الله، قال الأول منهما، سماعا عليه في رجب سنة أربع وعشرين وسبعمائة وقال الثاني قراءة عليه في يوم الجمعة ثاني صفر سنة سبع عشرة وسبعمائة بدمشق المحروسة يرفعه إلى أبي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول، والمسجد الأقصى، رواه البخاري ومسلم، ولمسلم قال نما يسافر إلى ثلاثة مساجد الكعبة ومسجدي ومسجد ايلياء وبهذا السند إلى أبي العطار يرفعه إلى ذي الأصابع رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه، قال قلنا يا رسول الله أرأيت أن ابتلينا بالبقاء بعدك أين تأمرنا، فقال فعليك ببيت المقدس فعسى الله ان ينشئ لك ذرية يغدون إلى ذلك المسجد ويروحون، وبه انس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال، من زار بيت المقدس محتسبا لله عز وجل حرم الله لحمه وجسمه على النار، وبه عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أفضل صلاة في المسجد الحرام على غيره مائة ألف صلاة وفي مسجدى ألف صلاة وفي بيت المقدس خمسمائة صلاة وبه عن أبي ذر رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله الصلاة هاهنا أفضل أم الصلاة في بيت المقدس، قال صلاة في مسجدي خير من أربع صلوات فيه، ولنعم المصلي هو أرض المحشر والمنشر، وبه عن يزيد بن عبد الله رحمه الله قال من خرج إلى بيت المقدس بغير حاجة إلى الصلاة فيه فصلى فيه خمس صلوات صبحا وظهرا وعصرا ومغربا وعشاء خرج من خطيئته كيوم ولدته أمه، وبه من أبى يزيد قال لما خلق الله بيت المقدس حزنت فقال لها الرب جل جلاله ما يحزنك، وقد سميتك من حبي باسمي أنا المقدس وأنت المقدسة قالت ربي فإذا فعلت هذا فمن أتاني فصلى في فتقبل منه، ومن سكنني فأرزقه، ومن مات في فاغفر له وارحمه، فقال لها الرب لك ما سألت وقال الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله قد سال سليمان عليه السلام ربه أن من قصد هذا المسجد لا يعنيه إلا الصلاة فيه ألا تصرف بصرك عنه ما دام مقيما فيه حتى يخرج منه، وان تخرجه من ذنوبه كيوم ولدته أمه، فأعطاه الله ذلك وقوله سبحانه الذي باركنا حوله، يعني بالماء والشجر وأقدام الأنبياء، كان كعب رضي الله عنه يقول بيت المقدس أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلا، ولو تتبعت الأحاديث المأثورة والأخبار لأملات وملأت ورويت ورويت هذا إلى ما أطلعه الله في ذلك الأفق المنير من بدور العلماء وامتنع من صدور
اسم الکتاب : تاج المفرق في تحلية علماء المشرق المؤلف : البلوي، خالد الجزء : 1 صفحة : 51