اسم الکتاب : النفحة المسكية فى الرحلة المكية المؤلف : السُّوَيْدي الجزء : 1 صفحة : 329
معين. وقد وردت علينا مكاتيبكم السديدة ورقاعكم المفيدة، فحصل لنا السرور، وزال عنا ما نلقاه إذ في المثل المشهور: الكتب ثلثا الملاقاة، فضممتها إلى صدري، وجعلتها أمانا من خطوب دهري، فكلما تشوقت نظرت منظومها ومنثورها، وإذا زاد بي الوجد تصفحت سطورها «1» إلى آخر كتابه، حفظه الله تعالى.
وجاءني من ولدي الصّلبي أبو الخير الشيخ عبد الرحمن كتاب صورته: أطال الله بقاء والدي الذي سطعت به أماكن الشام، وأمدنا بحياة سيدي الذي به عرف الحلال والحرام، ركن الأعلام، بل علم الأعلام، كل مجيد إليه استناده، (197 ب) ذي الذهن الوقاد، والفكر النقاد، صاحب الرأي الصائب، النجم الثاقب قطب تدور عليه رحى العلم، وقمر يستضيء به أولو الفهم، صاحب الفصاحة العربية وشمس الشريعة المضيئة، زين الدين، صاحب الخيرات، إمام المسلمين، سيدي أبي البركات، لا زال في نعمة تغبطه عليها الأقارب، رفعة يدرك بها الشهب الثواقب، أدامه الله لنا ظلا مد الزمان، وحفظه من بوائق الحدثان آمين. وبعد، فالمملوك يقبل أرضا ترافعت على السماك، وتقاعست دونها الأفلاك، أرضا تؤمها الأفاضل، ويحل بسوحها كل ماجد وفاضل، أرضا تساق إليها يعملات الرجاء، وتناخ بها مطي من قصد وجاء، نسأل الله بحرمة مولانا أن يرزقنا رؤيتها عيانا آمين. ثم المملوك يبث شوقا شق الأحشاء، وتمزقت لبرحائه الأمعاء شوقا أنشدنا: قفا نبك من ذكرى حبيب. وبه جرى دمعنا الغزير الصبيب شوقا لم نزل نتلظى بنيرانه، حيث لم نعدم تراكم أشجانه شوقا عم الأهل والولد، فأعدم من الكل القوى والجلد، وأضنى من الجميع الجسد، ولا سيما الفقير العاني، (198 أ) الذي أضحى لهذه الخطوب يعاني، والله شاهد على ما في القلوب وما هو مسطور مكتوب.. إلى آخر كتابه فإنه طويل اختصرته لما فيه من الملل.
وكتبت من مكة كتابا للأكرام الأمجد كتخدا باشا محمد، وكتابا لأهلي، تركت كتابتهما هنا من الملل الذي اعتراني من الغربة والكربة.
اسم الکتاب : النفحة المسكية فى الرحلة المكية المؤلف : السُّوَيْدي الجزء : 1 صفحة : 329