اسم الکتاب : النفحة المسكية فى الرحلة المكية المؤلف : السُّوَيْدي الجزء : 1 صفحة : 287
ومن هذه المرحلة أخذت ترابا وضعته في خرقة لأجل التيمم في المواضع التي لا تراب فيها وإن كان معنا ماء، لأن الوضوء حرام إذا كان في القافلة من يظن، أو يتوهم، أنه محتاج إلى شرب الماء لعطش، ولو كان دابة أو كلبا محرما «1» حالا أو مالا إلى الوصول إلى عين أو غيرها، ومما من الله به عليّ أني كنت أتيمم مع وجود الماء عندي، لأن القافلة لا تخلو عن عطشان مع كثرة المشاة الذين لا زاد لهم ولا ماء. وممن تابعني على ذلك سيدي (166 ب) السيد طالب البصري فكان- حفظه الله- يتيمم ويأمر به، وأكثر الفقهاء الجهلة يتوضؤون بالماء مع الإسباغ، والتثليث مراعاة السنن ظنا منهم أن ذلك عبادة مع كثرة العطشى، وقد قال الإمام النووي في (الإيضاح) «2» : إن هذا الوضوء حرام، ثم قال: وينبغي إشاعة ذلك في ركب الحاج، وتبعه على ذلك الشيخ ابن حجر في مختصر الإيضاح، وشنع «3» أيضا الإمام النووي على من يفعل ذلك، ونسبه إلى الجهل، أعاذنا الله من ذلك. فلم أزل على هذه الحالة وآمر بها الشافعية فأنكر عليّ مفتي الموصل، وقال: كيف تتيمم ومعك ماء؟ فأجبته بأن الإمام النووي حرّم الوضوء في مثل هذه الحالة وأخرجت له الإيضاح، وهو مصر على إنكاره، فقلت له: يا شيخ أنت حنفي إنما تعرف مذهبك ونحن أعرف منك بمذهبنا، وهذا مجدد مذهب الشافعي الإمام النووي صرح بذلك وتبعه العلامة المحقق الشهاب ابن حجر، فلم يلتفت إلى ما قلت، فأغضبني، فقلت: يا شيخ! في ذكري أن الحصكفي «4» شارح (التنوير) «5» في فقه الحنفية [فإنه] صرح بعين ما ذكره النووي فالمسألة وفاقية، فأصرّ على
اسم الکتاب : النفحة المسكية فى الرحلة المكية المؤلف : السُّوَيْدي الجزء : 1 صفحة : 287