اسم الکتاب : النفحة المسكية فى الرحلة المكية المؤلف : السُّوَيْدي الجزء : 1 صفحة : 246
ومن عجيب ما رأيت فيها أن غالبهم، حتى الأولاد الذين [هم] أبناء ست سنوات، على رؤوسهم عمائم، كل عمامة أكبر من حجر القنبرة والمنجنيق، حتى رأيت بعض العوام عمائمهم كذلك. ولعلمائهم لباس نفيس من الفرى السمورية والسنجابية والقاقمية «1» وغيرها، بحيث يساوي مالا جزيلا.
وأكثرهم لا يحسن [قراءة] «2» الفاتحة، وأكثر مصروفهم من الأوقاف، حتى إني سمعت أن في دمشق نحو ألف مدرسة أكثرها اندرس والباقي صار منازل للناس وأوقافها يأكلها هؤلاء الجهلة. ومما اعتادوه (136 أ) أنهم يذهبون إلى الدولة العلية، ويشتري [أحدهم] «3» له مرتبة تدريس على قانون علماء الأتراك، فيكتسب بذلك الكبر والظلم، ويتخذ له المماليك الحسان، وهو أجهل من حمار، فوا أسفي على علمائنا، فما أفقرهم وما أحوجهم وما أعلمهم وما أصلحهم، فو الله إن أدنى علماء دمشق يملك أكثر مما يملكه والي بغداد مع سعة إيرادها. وأما مشايخ الطريقة فأولاد الشيخ عبد القادر، الذين هم في الشام لهم مظالم ويتعاطون الربويات، ولهم بيوت صرفوا عليها ما لا يعد ولا يحصى، شاهقة نحو السماء، بحيث لو بناها فرعون لأنكر عليه، فوا أسفي على أولاد الشيخ الذين هم سدنة قبره وخدام ضريحه، فما أفقرهم وما أحوجهم وما ألينهم وما أودعهم وما أكرمهم رضي الله عنهم، وأما أولئك فهم أبخل من مادر «4» ، وأفجر من فرعون، لهم كبر وأنانية أعظم من نمرود، أعاذنا الله
اسم الکتاب : النفحة المسكية فى الرحلة المكية المؤلف : السُّوَيْدي الجزء : 1 صفحة : 246