اسم الکتاب : النفحة المسكية فى الرحلة المكية المؤلف : السُّوَيْدي الجزء : 1 صفحة : 105
آمين آمين لا أرضى بثالثة ... حتى أضيف ألف آمينا
أما بعد، فإن نفحت العطف من ذلك الخاطر العاطر، أو تموج بالسؤال عباب ذلك البحر الزاخر، عن أحوال داعيه، وحافظ وده ومراعيه، فهو- والحمد لله- في نعم وافرة، وآلاء جمة متكاثرة، غير أن الاشتياق أجج الزفرات، وأضرم اللوعات، ولا يخفى أن من الأمور المقررة، والقضايا المحررة، الصادرة عن صدق خاتم فص الرسالة وينبوع السيادة والجلالة والبسالة، أن النفوس إذا تعارفت في عالم الأرواح لا بدّ وأن تتآلف في عالم الأجساد والأشباح، فلهذه الحكم الربانية، والمصالح الصمدانية، تحركت نفس مولانا الزكية، وقصدت تطابق العالمين في هذه (القضية، فشرّف) «1» أدنى خدمة بكتاب تسطع الفصاحة من خلال مبانيه، وتشرق البلاغة في مجاري أفلاك معانيه، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها (45 أ) كاد يبلغ حدّ الإعجاز حيث اشتمل من البلاغة على أقصاها، فكان الحري بأن أنشد فيه وأتمثل بقول السلف الأول:
أتاني كتاب لو يمر نسيمه ... بقبر لأحيا نشره صاحب القبر
وأذكرني شوقا وما كنت ناسيا ... ولكنه تجديد ذكر على ذكر
وهذا الداعي لما تحقق أنه لا يستطاع الإتيان بمثله، ولا يدخل تحت قواه مقابلة بعضه، فضلا عن كله، أضرب عن المقابلة صفحا، ورأى السكوت فائدة وربحا، واستوت سفينة عجزه في اليم، وجنح إلى السّلم، والسّلم أسلم، لعلمه أنّ هذه مضائق لا يسلك فيها إلّا خريت، وأن هذه الطرق وعرة سبريت «2» ، لكن لما اعتقد أن شيم المولى الإغضاء عن العوراء، والصفح عن الزلة الشنعاء، تجرأ هذا الداعي على المكاتبة، وأقدم بعد أن كان يقدم رجلا ويؤخر أخرى، في ولوج عباب هذا اليم، فالمأمول من شيم مولانا الرضية، ومكارمه الشاملة السنية، مسامحته عن مثل هذه الترهات، وأن يدفع السيئات بالحسنات، فإن الجالب قليل
اسم الکتاب : النفحة المسكية فى الرحلة المكية المؤلف : السُّوَيْدي الجزء : 1 صفحة : 105