responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار المؤلف : المقريزي    الجزء : 1  صفحة : 411
الله على الإسلام بركتها، فتحنا الخزائن وبذلنا الأموال، وفرّقنا السلاح، وجمعنا العربان والمطوّعة، وخلقا لا يعلمهم إلا الله جاءوا من كل فج عميق، ومكان سحيق، فلما رأى العدوّ ذلك أرسل يطلب الصلح على ما وقع الاتفاق بينهم، وبين الملك الكامل فأبينا، ولما كانت ليلة الأربعاء تركوا خيامهم وأموالهم وأثقالهم، وقصدوا دمياط هاربين، فسرنا في آثارهم طالبين، وما زال السيف يعمل في أدبارهم عامّة الليل، وقد حلّ بهم الخزي والويل، فلما أصبحنا يوم الأربعاء، قتلنا منهم ثلاثين ألفا غير من ألقى نفسه في اللجج، وأما الأسرى فحدّث عن الحر، ولا حرج، والتجأ الفرنسيس إلى المينة، وطلب الأمان، فأمّناه، وأخذناه وأكرمناه، وسلمناه دمياط بعون الله تعالى، وقوّته وجلاله وعظمته، وبعث مع الكتاب غفارة الملك فرنسيس، فلبسها الأمير جمال الدين بن يغمور، وهي: اشكر لاطا أحمر بفرو سنجاب، فقال الشيخ نجم الدين بن إسرائيل:
إنّ غفارة الفرنسيس جاءت ... فهي حقا لسيد الأمراء
كبياض القرطاس لونا ولكن ... صبغتها سيوفنا بالدماء
وقال آخر:
أسيّد أملاك الزمان بأسرهم ... تنجزت من نصر الإله وعوده
فلا زال مولانا يبيح حمى العدى ... ويلبس أثواب الملوك عبيده
وأخذ الملك المعظم، يهدّد زوجة أبيه، شجرة الدر، ويطالبها بمال أبيه، فخافته وكاتبت مماليك الملك الصالح، تحرّضهم عليه، وكان المعظم لما وصل إليه الفارس، أقطاي إلى حصن كيفا، وعده أن يعطيه إمرة، فلم يف له بها، وأعرض مع ذلك عن مماليك أبيه، واطّرح أمراءه، وصرف الأمير حسام الدين بن أبي عليّ، عن نيابة السلطنة، وأحضره إلى العسكر، ولم يعبأ به وأبعد غلمان أبيه، واختص بمن وصل معه من المشرق، وجعلهم في الوظائف السلطانية، فجعل الطواشي مسرورا خادمه إستادارا، وعمل صبيحا، وكان عبدا حبشيا فحلا خازنداره، وأمر أن تكون له عصا من ذهب، وأعطاه مالا جزيلا، وإقطاعات جليلة، وكان إذا سكر جمع الشمع، وضرب رؤوسها بالسيف، حتى تنقطع، ويقول هكذا أفعل بالبحرية، فإنه كان فيه هرج وخفة، واحتجب على العكوف بملاذه، فنفرت منه النفوس، وبقي كذلك إلى يوم الاثنين، تاسع عشري المحرّم، وقد جلس على السماط، فتقدّم إليه أحد المماليك البحرية، وضربه بسيف قطع أصابع يديه، ففرّ إلى البرج، فاقتحموا عليه، وسيوفهم مصلتة، فصعد أعلى البرج الخشب، فرموه بالنشاب، وأطلقوا الناس في البرج، فألقى نفسه ومرّ إلى البحر، وهو يقول: ما أريد ملككهم دعوني أرجع إلى الحصن يا مسلمين؟ ما فيكم من يصطنعني ويجيرني؟ وسائر العساكر بالسيوف واقفة، فلم يجبه أحد والنشاب يأخذه من كل ناحية، وأدركوه، فقطع بالسيوف ومات حريقا غريقا قتيلا

اسم الکتاب : المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار المؤلف : المقريزي    الجزء : 1  صفحة : 411
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست