اسم الکتاب : المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار المؤلف : المقريزي الجزء : 1 صفحة : 33
هذا البحر الشرقيّ مما يلي الصين ست جزائر أيضا تعرف: بجزائر السبلي نزلها بعض العلويين في أوّل الإسلام خوفا على أنفسهم من القتل، ويخرج من هذا المحيط ستة أبحر أعظمها اثنان: وهما اللذان عناهما الله تعالى بقوله: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ
[الرحمن/ 19] ، وقوله: وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً
[النمل/ 61] ، فأحدهما: من جهة الشرق، والآخر:
من جهة الغرب. فالخارج من جهة الشرق يقال له: البحر الصينيّ، والبحر الهنديّ، والبحر الفارسيّ، والبحر اليمنيّ، والبحر الحبشيّ، بحسب ما يمرّ عليه من البلدان. وأما الخارج من الغرب فيقال له: البحر الروميّ. فأما البحر الهنديّ الخارج من جهة الشرق فإن مبدأ خروجه من مشرق الصين وراء خط الاستواء بثلاثة عشر درجة ويجري إلى ناحية الغرب فيمرّ على بلاد الصين وبلاد الهند إلى مدينة كنبانة وإلى التبير من بلاد كمران فإذا صار إلى بلاد كمران ينقسم هناك قسمين: أحدهما يسمى: بحر فارس، والآخر يسمى: بحر اليمن فيخرج بحر اليمن من ركن جبل خارج في البر يسمى هذا الركن: رأس الجمجمة فيمتد من هناك إلى مدينة ظفار ويسير إلى المسجر وساحل بلاد حضرموت إلى عدن وإلى باب المندب، وطول هذا البحر الهنديّ ثمانية آلاف ميل في عرض ألف وسبعمائة ميل عند بعض المواضع وربما ضاق عن هذا القدر من العرض فإذا انتهى إلى باب المندب يخرج إلى بحر القلزم، والمندب جبل طوله اثنا عشر ميلا وسعة فوهته قدر ما يرى الرجل الآخر من البرّ تجاهه فإذا فارق باب المندب مرّ في جهة الشمال بساحلي زبيد والحرون إلى عثر وكانت عثر مقر الملك في القديم ويمرّ من هناك على حلى إلى عسفان وأنمار وهي فرضة المدينة النبوية على الحال بها أفضل الصلاة والسلام والتحية والإكرام، ومنها على ما يقابل الجحفة حيث يسمى اليوم رابغ إلى الحوراء ومدين وأيلة والطور وفاران ومدينة القلزم، فإذا وصل إلى القلزم انعطف من جهة الجنوب ومرّ إلى القصير وهي فرضة قوص ومن القصير إلى عيداب وهي فرضة البجه «1» ، ويمتدّ من عيداب إلى بلد الزيلع، وهو ساحل بلاد الحبشة ويتصل ببربر وطول هذا البحر ألف وخمسمائة ميل وعرضه من أربعمائة ميل إلى ما دونها وهو بحر كريه المنظر والرائحة وفي هذا البحر مصب دجلة والفرات وعلى أطرافه بلاد السند، وبلاد اليمن كأنها جزائر أحاط بها الماء من جهاتها الثلاث وهو: يردع نهر مهران كردع البحر الرومي لنيل مصر. وفيه فيما بين مدينة القلزم، ومدينة أيلة مكان يعرف: بمدينة قاران وعندها جبل لا يكاد ينجو منه مركب لشدّة اختلاف الريح وقوّة ممرّها من بين شعبتي جبلين وهي بركة سعتها ستة أميال تعرف: ببركة الغرندل، يقال: إن فرعون غرق فيها فإذا هبت ريح الجنوب لا يمكن سلوك هذه البركة، ويقال: إن الغرندل اسم صنم كان في القديم هناك قد وضع ليحبس من خرج من أرض مصر مغاضبا للملك أو فارا منه، وأنّ موسى عليه السلام لما خرج ببني إسرائيل من مصر وسار بهم مشرقا أمره الله سبحانه وتعالى: أن
اسم الکتاب : المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار المؤلف : المقريزي الجزء : 1 صفحة : 33